الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } * { يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ } * { ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ }

يقول الله تعالى مخاطباً لخلقه وموبخاً لهم { هل ينظرون } أي هؤلاء الكفار، ومعناه هل ينتظرون { إلا الساعة } يعني القيامة. وقيل: معناه هل ينتظر بهم لأنهم لم يكونوا ينتظرونها، فاضاف اليهم مجازاً. وقيل: سميت القيامة الساعة لقرب أمرها، كأنها تكون في ساعة. ثم يحصل اهل الجنة فى الجنة واهل النار فى النار، وقيل: سميت بذلك لانها ابتداء أوقات الآخرة، فهي ابتداء تجديد الساعات.

وقوله { بغتة } أي فجأة، وإنما كانت الساعة بغتة مع تقديم الانذار بها، لانهم مع الانذار لا يدرون وقت مجيئها، كما لا يدري الانسان وقت الرعد والزلازل، فتأتي بغتة وإن علم انها تكون.

ثم قال تعالى { الأخلاء } وهو جمع خليل { يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } يعني من كانت خلته فى دار الدنيا فى غير طاعة الله بل كانت في معصية الله، فان تلك الخلة تنقلب عليه عداوة، لان صاحبها يتبين فساد تلك الخلة يوم القيامة وإنما كان كذلك، لان كل واحد من المتخالين فى غير طاعة الله يزين لصاحبه خلاف الحق ويدعوه إلى ما يوبقه ويورثه سوء العاقبة بدل ما كان يلزمه من النصيحة له فى الدعاء إلى ترك القبيح وفعل الحسن ثم استثنى من جملة الأخلاء الذين اخبر عنهم أنهم يصيرون اعداءاً { المتقين } لأن من كانت مخالته في طاعة الله وعلى ما أمر الله به فانها تتأكد ذلك اليوم ولا تنقلب عداوة.

ثم اخبر تعالى بما يقال للمؤمنين المطيعين من عباده فانه يناديهم فيقول لهم { يا عبادي } وخصهم بأنهم عباده من حيث أطاعوه واجتنبوا معاصيه { لا خوف عليكم اليوم } من العقاب { ولا أنتم تحزنون } من فوت الثواب. ثم وصف عباده وميزهم من غيرهم فقال { الذين آمنوا بآياتنا } يعني الذين صدقوا بحجج الله فاتبعوها { وكانوا مسلمين } أي مستسلمين لما امرهم الله به منقادين له.

ثم بين انه يقال لهم { ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم } اللاتي كن مؤمنات { تحبرون } أي تسرون فيها، والحبور السرور الذي يظهر فى بشرة الوجه اثره، وحبرته حسنة بما يظهر أثر السرور به. وقال قتادة وابن زيد: معنى { تحبرون } تنعمون - قال السدي: معناه تكرمون، والمراد بالأزواج من كان مستحقاً للثواب ودخل الجنة. وقيل: المراد بالأزواج اللاتي يزوجهم الله بهن من الحور العين فى الجنة.