الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِٱلْبَنِينَ } * { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ } * { أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي ٱلْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } * { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ } * { وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ }

قرأ اهل الكوفة إلا أبا بكر { أو من ينشأ } بضم الياء وتشديد الشين. الباقون بفتح الياء والتخفيف. وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر " عند الرحمن " بالنون. الباقون " عباد " على الجمع وقرأ نافع " أأشهدوا " بضم الألف وفتح الهمزة من (اشهدت) الباقون " اشهدوا " من (شهدت) من قرأ (ينشأ) بالتشديد جعله في موضع مفعول لأنه تعالى قالإنا أنشأناهن إنشاء } فانشأت ونشأت بمعنى إذا ربيت. وتقول: نشأ فلان ونشأه غيره وغلام ناشىء أي مدرك. وقيل في قولهثم أنشأناه خلقاً آخر } قال هو نبات شعر ابطه ومن خفف جعل الفعل لله، لان الله انشأهم فنشؤوا، ويقال للجوار الملاح: النشأ قال نصيب:
ولولا ان يقال صبا نصيب   لقلت بنفسي النشأ الصغار
ومن قرء عباد فجمع (عبد) فهو كقولهلن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون } فاراد الله أن يكذبهم فى قولهم: إن الملائكة بنات الله، وبين انهم عباده. ومن قرأ " عند " بالنون، فكقولهإن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته } وقال سعيد بن جبير: قلت لابن عباس فى مصحفي " عباد " فقال: حكه. ووجه قراءة نافع " أأشهدوا " انه جعله من اشهد يشهد جعلهم مفعولين وقال تعالىما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم } من قرأ بفتح الهمزة جعله من شهد يشهد فهؤلاء الكفار إذا لم يشهدوا خلق السموات والارض ولا خلق انفسهم من اين علموا ان الملائكة بنات الله وهم لم يشهدوا ذلك، ولم يخبرهم عنه مخبر؟!.

لما اخبر الله تعالى عن الكفار انهم جعلوا له من عباده جزءاً على ما فسرناه، وحكم عليهم بأنهم يجحدون نعمه ويكفرون أياديه، فسر ذلك وهو انهم قالوا { أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين } فى هذا القول حجة عليهم لأنه ليس بحكيم من يختار لنفسه أدون المنزلتين ولغيره اعلاهما، فلو كان على ما يقول المشركون من جواز اتخاذ الولد عليه لم يتخذ لنفسه البنات ويصفيهم بالبنين فغلطوا فى الأصل الذي هو جواز إتخاذ الولد عليه، وفى البناء على الأصل باتخاذ البنات، فنعوذ بالله من الخطاء فى الدين. ومعنى (أصفاكم) خصكم وآثركم بالذكور واتخذ لنفسه البنات.

ثم قال تعالى { وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا } يعني إذا ولد لواحد منهم بنت حسب ما اضافوها إلى الله تعالى ونسبوها اليه على وجه المثل لذلك { ظل وجهه مسوداً } أي متغيراً مما يلحقه من الغم بذلك حتى يسود وجهه ويربد { وهو كظيم } قال قتادة معناه حزين، وفى هذا ايضاً حجة عليهم لأن من اسود وجهه بما يضاف اليه مما لا يرضى فهو احق ان يسود وجهه باضافة مثل ذلك إلى من هو اجل منه، فكيف الى ربه.

السابقالتالي
2