الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَٱسْتَقِيمُوۤاْ إِلَيْهِ وَٱسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ } * { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } * { قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ }

قرأ ابو جعفر " سواء " رفعاً. وقرأه يعقوب خفضاً. وقرأه الباقون نصباً. فمن رفعه فعل الاستئناف. ومن خفضه جعله نعتاً للايام. ومن نصبه فعلى المصدر.

امر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله أن يقول لهؤلاء الكفار { إنما أنا بشر مثلكم } لحم ودم، ومن ولد آدم، وإنما خصني الله بنبوته وأمرني برسالته وميزني منكم بأني { يوحى إلي أنما إلهكم } الذي يستحق العبادة { إله واحد } لا شريك له في العبادة { فاستقيموا إليه } أي استمروا على وجه واحد في الطاعة له وإخلاص العبادة له على ما تقتضيه الحكمة { واستغفروه } أي واطلبوا المغفرة من جهته لذنوبكم.

ثم اخبر فقال { فويل للمشركين } الذين اشركوا بعبادة الله غيره من الاصنام والاوثان ووصفهم بانهم { الذين لا يؤتون الزكاة } وقال الحسن: معناه لا يؤتون ما يكونون به ازكياء اتقياء من الدخول فى دين الله. وقال الفراء: الزكاة فى هذا الموضع ان قريشاً كانت تطعم الحاج وتسقيهم فحرموا ذلك على من آمن بمحمد صلى الله عليه وآله. وقال قوم: إنما توعدهم على ترك الزكاة الواجبة عليهم لأنهم متعبدون بجميع العبادات ويعاقبون على تركها وهو الظاهر. وقال الزجاج: معناه وويل للمشركين الذين لا يؤمنون بأن الزكاة واجبة. وإنما خص الزكاة بالذكر تقريعاً لهم على شحهم الذي يأنف منه أهل الفضل ويتركون ما يقتضي انهم ان يعملوه عملوه لاجله. وفي ذلك دعاء لهم إلى الايمان وصرف لهم عن الشرك. وكان يقال: الزكاة قنطرة الايمان فمن عبرها نجا. وقال الطبري: معناه الذين لا يعطون الله الطاعة التي يطهرهم بها ويزكي أبدانهم، ولا يوحدونه. وقال عكرمة: هم الذين لا يقولون: لا إله إلا الله. وقد بينا أن الأقوى قول من قال إن الذين لا يؤدون زكاة اموالهم، لان هذا هو حقيقة هذه اللفظة { وهم بالآخرة هم كافرون } معناه وهم مع ذلك يجحدون ما أخبر الله به من الثواب والعقاب فى الآخرة.

ثم اخبر الله تعالى عن المؤمنين فقال { إن الذين يؤمنون بالآخرة } أي يصدقون بأمر الآخرة من الثواب والعقاب { وعملوا الصالحات } أي الطاعات { لهم أجر غير ممنون } أي لهم جزاء على ذلك غير مقطوع، بل هو متصل دائم، ويجوز ان يكون معناه انه لا أذى فيه من المنّ الذي يكدر الصنيعة.

ثم امر النبي صلى الله عليه وآله ان يقول لهم على وجه الانكار عليهم بلفظ الاستفهام { أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين } أي تجحدون نعمة من خلق الارض فى يومين { وتجعلون له أنداداً } أي تجعلون له اشباهاً وامثالا فى استحقاق العبادة.

ثم قال الذي يستحق العبادة { ذلك رب العالمين } الذي خلق الخلائق وملك التصرف فيهم.

السابقالتالي
2