الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ } * { إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي قَالُوۤاْ آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ } * { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } * { لاَّ يَسْأَمُ ٱلإِنْسَانُ مِن دُعَآءِ ٱلْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ } * { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَـٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ }

قرأ اهل المدينة وابن عامر وحفص { ثمرات } على الجمع. الباقون " ثمرة " على التوحيد من قرأ على الجمع فلاختلاف أجناس الثمار، ولانه فى المصاحف مكتوباً بتاء ممدودة. ومن وحده قال: الثمرة تفيد الجمع والتوحيد فلا يحتاج إلى الجمع، لأنه في مصحف عبد الله مكتوب بالهاء، و " الاكمام " جمع (كم) في قول الفراء، و (كمة) فى قول ابي عبيدة. وهي الكفرى. قال ابن خالويه: يجوز أن يكون (الاكمام) جمع (كم) و (كم) جمع كمة، فيكون جمع الجمع.

يقول الله تعالى { من عمل صالحاً } أي فعل افعلا هي طاعة { فلنفسه } لان ثوابه واصل اليه، وهو المنتفع به دون غيره { ومن أساء } يعني فعالا فعلا قبيحاً، من الاساءة إلى غيره او غيرها { فعليها } أي فعلى نفسه لأن وبال ذلك وعقابه يلحقه دون غيره.

ثم قال تعالى على وجه النفي عن نفسه ما لا يليق به من فعل القبيح والتمدح به { وما ربك } أي وليس ربك { بظلام للعبيد } وإنما قال (بظلام) على وجه المبالغة فى نفي الظلم عن نفسه مع انه لا يفعل مثقال ذرة لأمرين:

احدهما - انه لو فعل فاعل الظلم، وهو غير محتاج اليه مع علمه بقبحه وبأنه غني لكان ظلاماً، وما هو تعالى بهذه الفصة لأنه غني عالم.

الثاني - إنه على طريق الجواب لمن زعم انه يفعل ظلم العباد. فقال: ما هو بهذه الصفة التي يتوهمها الجهال، فيأخذ احداً بذنب غيره، والظلام هو الفاعل لما هو من افحش الظلم. والظالم من فعل الظلم، وظالم صفة ذم، وكذلك قولنا فاعل الظلم هما سواء، وكذلك آثم فاعل الاثم، وسيء فاعل الاساءة.

وقوله { إليه يرد علم الساعة } معناه اليه يرد علم الساعة التي يقع فيها الجزاء للمطيع والعاصي فاحذروها قبل ان تأتي، كما يرد اليه علم إخراج الثمار وما يكون من الاولاد والنتاج، فذاك غائب عنكم وهذا مشاهد لكم، وقد دل عليه ولزم، وكل من سئل متى قيام الساعة؟ وجب أن يقول: الله تعالى العالم به حتى يكون قد ردّه إلى الله { وما يخرج من ثمرة من أكمامها } معناه وعنده علم ذلك. وآكمام الثمرة وعائها الذي تكون فيه. وقيل: الآكمام جمع كمة، وهو الطرف المحيط بالشيء. وقال الحسن: الآكمام - ها هنا - ليف النخيل. وقيل: من أكمامها معناه خروج الطلع من قشره { وما تحمل من أنثى وما تضع إلا بعلمه } أي وعنده تعالى علم ما تحمله كل انثى من حمل ذكراً كان او انثى ولا تضع الانثى إلا بعلمه أي إلا في الوقت الذي علمه انه تضع فيه.

وقوله { ويوم يناديهم أين شركائي } أي ويوم يناديهم مناد اين شركاء الله الذين كنتم تعبدونهم من دون الله { قالوا أذناك ما منا من شهيد } معناه إنهم يقولون اعلمناك ما منا من شهيد لمكانهم.

السابقالتالي
2