الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ } * { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } * { مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ } * { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَـٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ }

قرأ { أعجمي وعربي } على الخبر حفص والحلواني عن هشام وابن مجاهد عن قنبل في غير رواية ابن الحمامي عن بكار. الباقون بهمزتين. وحففهما اهل الكوفة إلا حفصاً وروح. والباقون بتخفيف الأولى وتليين الثانية. وفصل بينهما بألف اهل المدينة إلا ورشاً وابو عمر. ومن قرأ بلفظ الاستفهام اراد الانكار، فادخل حرف الاستفهام على الف { أعجمي } وهي الف قطع. ومن حققها، فلأنها الأصل. ومن خففهما او فصل بينهما فلكراهة اجتماع الهمزتين. ومن قرأ على الخبر، فالمعنى هلا كان النبي عربياً والقرآن اعجمياً. والنبي اعجمياً والقرآن عربياً، فكان يكون ابهر في باب الاعجاز.

يقول الله تعالى مخبراً { إن الذين كفروا بالذكر } الذي هو القرآن وجحدوه وسمي القرآن ذكراً، لأنه تذكر به وجوه الدلائل المؤدية إلى الحق، والمعاني التي يعمل عليها فيه. واصل الذكر ضد السهو وهو حضور المعنى للنفس { لما جاءهم } أي حين جاءهم، وخبر (ان) محذوف، وتقديره: إن الذين كفروا بالذكر هلكوا به وشقوا به ونحوه. وقيل تقديره: إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم كفروا به، فحذف لدلالة الكلام عليه. وقيل خبره { أولئك ينادون من مكان بعيد } وقيل قوله { وإنه لكتاب عزيز } في موضع الخبر، وتقديره الكتاب الذي جاءهم عزيز، وقوله " وإنه " الهاء كناية عن القرآن، والمعنى وإن القرآن لكتاب عزيز بأنه لا يقدر احد من العباد على ان يأتي بمثله، ولا يقاومه في حججه على كل مخالف فيه. وقيل: معناه إنه عزيز باعزاز الله - عز وجل - اياه اذ حفظه من التغيير والتبديل. وقيل: هو عزيز حيث جعله على أتم صفة الاحكام. وقيل: معناه انه منيع من الباطل بما فيه من حسن البيان ووضوح البرهان، ولأن احكامه حق يقضي بصحتها العقل.

وقوله { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه } قيل في معناه اقوال خمسة:

احدها - انه لا تعلق به الشبهة من طريق المشاكلة، ولا الحقيقة من جهة المناقضة وهو الحق المخلص والذي لا يليق به الدنس.

والثاني - قال قتادة والسدي: معناه لا يقدر الشيطان أن ينقص منه حقاً ولا يزيد فيه باطلا.

الثالث - ان معناه لا يأتي بشيء يوجب بطلانه مما وجد قبله ولا معه ولا مما يوجد بعده. وقال الضحاك: لا يأتيه كتاب من بين يديه يبطله ولا من خلفه أي ولا حديث من بعده يكذبه.

الرابع - قال ابن عباس: معناه لا يأتيه الباطل من أول تنزيله ولا من آخره.

والخامس - ان معناه لا يأتيه الباطل في اخباره عما تقدم ولا من خلفه ولا عما تأخر.

ثم وصف تعالى القرآن بأنه { تنزيل من حكيم حميد } فالحكيم هو الذي افعاله كلها حكمة فيكون من صفات الفعل، ويكون بمعنى العالم بجميع الاشياء واحكامها فيكون من صفات الذات.

السابقالتالي
2 3