الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِيۤ أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُـمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلْفَسَادَ } * { وَقَالَ مُوسَىٰ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُـمْ مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } * { وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ وَقَدْ جَآءَكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ } * { يٰقَومِ لَكُمُ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي ٱلأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ } * { وَقَالَ ٱلَّذِيۤ آمَنَ يٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ }

قرأ عاصم وحمزة والكسائي ويعقوب " او ان " بالف قبل الواو. الباقون " وأن " بغير الف. وقرأ نافع ويعقوب وابو جعفر وابو عمرو وحفص عن عاصم " يظهر " بضم الياء " الفساد " نصباً. الباقون " يظهر " بفتح الياء " الفساد " رفعاً. من نصب (الفساد) أشركه مع التبديل، وتقديره إني أخاف ان يبدل دينكم واخاف ان يظهر الفساد، ومن رفع لم يشركه، وقال تقديره إني اخاف ان يبدل دينكم، فاذا بدل ظهر في الأرض الفساد. وكلتا القراءتين حسنة فأما (او) فقد تستعمل بمعنى الواو، كما قلناه فىوأرسلناه إلى مئة ألف أو يزيدون } أي ويزيدون أو بل يزيدون. ولا تكون الواو بمعنى (او) في قول أبي عبيدة. وقال ابن خالويه إذا كانت (او) اباحة كانت الواو بمعناها، لأن قولك: جالس الحسن او ابن سيرين بمنزلة الاباحة، وكذلك قولهولا تطع منهم آثما أو كفوراً } لان معناه ولا كفوراً. وقال ابو علي: من قرأ (وأن) فالمعنى إني أخاف هذا الضرب منه كما تقول كل خبزاً او تمراً أي هذا الضرب. ومن قرأ (وأن) المعنى إني اخاف هذين الأمرين وعلى الاول يجوز ان يكون الأمران يخافا، ويجوز أن يكون احدهما، وعلى الثاني هما معاً يخافان، ومن ضم الياء في قوله " ويظهر " فلأنه اشبه بما قبله، لان قبله يبدل فأسند الفعل إلى موسى وهم كانوا في ذكره، ومن فتح الياء اراد انه إذا بدل الدين ظهر الفساد بالتبديل او اراد يظهر الفساد بمكانه. وقال قوم: اراد بـ (او) الشك لان فرعون قال إني أخاف ان يبدل موسى عليكم دينكم، فان لم يفعله فيوقع الفساد بينكم، ولم يكن قاطعاً على احدهما به. وروي رواية شاذة عن أبي عمرو: انه قرأ " وقال رجل " باسكان الجيم. الباقون بضمها وذلك لغة قال الشاعر:
رجلان من ضبة اخبرانا   إنا راينا رجلا عريانا
اراد رجلين فأسكن وهو مثل قولهم: كرم فلان بمعنى كرم.

حكى الله تعالى عن فرعون انه قال لقومه { ذروني } ومعناه أتركوني اقتل موسى، وذلك يدل على ان فى خاصة فرعون كان قوم يمنعونه من قتل موسى، ومن معه ويخوفونه ان يدعو ربه فيهلك، فلذلك قال ذروني اقتله وليدع ربه، كما تقولون. وقال قوم: ذلك حين قالوا له هو ساحر فان قتلته قويت الشبهة بمكانه بلأرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين } { وليدع ربه } في دفع القتل عنه، فانه لا يخشى من دعائه شيء، وهذا عنف من فرعون وتمرد وجرأة على الله وإيهام لقومه بأن ما يدعو به موسى لا حقيقة له.

ثم قال فرعون { إني أخاف أن يبدل } يعني موسى { دينكم } وهو ما تعتقدونه من إلهيتي { أو أن يظهر في الأرض الفساد } بأن يتبعه قوم نحتاج ان نقاتله فيخرب في ما بين ذلك البلاد، ويظهر الفساد.

السابقالتالي
2 3