الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } * { غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ ذِي ٱلطَّوْلِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } * { مَا يُجَادِلُ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي ٱلْبِلاَدِ } * { كَـذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَٱلأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُـلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِٱلْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ }

خمس آيات في الكوفى وأربع فى ما عداه عدّ الكوفيون (حم) آية ولم يعدها الباقون.

قرأ اهل الكوفة إلا حفصاً وابن ذكوان { حاميم } بامالة الألف. الباقون بالفتح من غير امالة وهما لغتان فصيحتان. وقال قوم { حم } موضعه نصب، وتقديره اتل { حم } اقرأ { حم } وقال آخرون: موضعه جرّ بالقسم. ومن جزم قال: لانها حروف التهجي وهي لا يدخلها الاعراب، وقد فتح الميم عيسى ابن عمر، وجعله اسم السورة، فنصبه ولم ينون، لأنه على وزن (هابيل) ويجوز ان يكون فتح لالتقاء الساكنين. والقراء على تسكين الميم وهو الأجود لما بيناه.

وقد بينا اختلاف المفسرين واهل العربية فى مبادىء السور بحروف التهجي ومعناها، وأن اقوى ما قيل في ذلك انها اسماء للسور، وذكرناها في الأقوال، فلا نطول باعادته.

وقال قتادة والحسن: (حم) اسم السورة. وقال شريح بن أوفى العبسي:
يذكرني (حم) والرمح شاهر   فهلا تلا (حم) قبل التقدم
وقال الكميت:
وجدنا لكم في آل حم آية   تأولها منا تقي ومعرب
وقوله { تنزيل الكتاب } أي هو تنزيل { من الله } أنزله على نبيه { العزيز } معناه القادر الذي لا يغالب ولا يقهر المنيع بقدرته على غيره ولا يقدر عليه غيره. وهذه الصفة لا تصح إلا لله تعالى واصل الصفة المنع من قولهم: عزّ كذا وكذا أي امتنع، وفلان عزيز أي منيع بسلطانه او عشيرته أو قومه " والعليم " الكثير العلوم والعالم الذي له معلوم.

وقوله { غافر الذنب } جرّ بأنه صفة بعد صفة، ومعناه من شأنه غفران الذنب في ما مضى وفي ما يستقبل، فلذلك كان من صفة المعرفة { وقابل التوب } قال الفراء: إنما جعلها نعتاً للمعرفة وهي نكرة، لأن المعنى ذي الغفران، وذي قبول التوبة كقوله { ذي الطول } وهو معرفة وإن جعلته بدلا كانت النكرة والمعرفة سواء، ومعنى { قابل التوب } إنه يقبل توبة من تاب اليه من المعاصي بأن يثيب عليها ويسقط عقاب معاصي ما تقدمها تفضلا منه، ولذلك كان صفة مدح، ولو كان سقوط العقاب عندها واجباً لما كان فيه مدح و (التوب) يحتمل وجهين:

احدهما - ان يكون جمع توبة كدوم ودومة وعوم وعومة.

والثاني - ان يكون مصدر (تاب يتوب توباً).

وقوله { شديد العقاب } معناه شديد عقابه وذكر ذلك عقيب قوله { غافر الذنب } لانه أراد لئلا يعول المكلف على العفو بل يخاف عقابه أيضاً لأنه كما انه يغفر لكونه غافراً فقد يعاقب لكونه شديد العقاب. وفرق بين شدة العقاب وتضاعف الالام بان الخصلة الواحدة من الألم يكون اعظم من خصال كثيرة من ألم آخر كالالم في اجزا كثيرة من قرض برغوث.

وقوله { ذي الطول } قال ابن عباس وقتادة: معناه ذي النعم.

السابقالتالي
2