الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً }

هذا خطاب من الله تعالى لجميع المكلفين، يأمرهم إذا دعى لهم انسان بطول الحياة، والبقاء والسلامة، ان يحيوهم باحسن من ذلك أو يردوا عليهم مثله. قال النحويون: أحسن ها هنا صفة لا ينصرف، لأنه على وزن افعل وهو صفة لا تنصرف والمعنى حيوا بتحية أحسن منها. والتحية: مفعلة من حييت. ومعناها ها هنا السلام قال السدي: وابن جريج وعطا، وإبراهيم: إنه إذا سلم عليك واحد من المسلمين، فسلم عليه باحسن مما سلم عليك. أو رد عليه مثل ما قال. وذلك إذا قال السلام عليك، فقل أنت وعليك السلام ورحمة الله أو تقول كما قال لك. وقال قتادة، وابن عباس، ووهب: فحيوا باحسن منها أهل الاسلام، أو ردوها على أهل الكفر والاول أقوى، لأنه روي عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، انه قال: إذا سلم عليك أهل الكتاب، فقولوا وعليكم. وقال الحسن، وجماعة من متقدمي المفسرين: إن السلام تطوع. والرد فرض، لقوله: { وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها } وذلك أمر يقتضي الايجاب.

وقوله: { إن الله كان على كل شيء حسيباً } قيل في معنى الحسيب قولان:

أحدهما - قال مجاهد:، وابن أبي نجيح: معنى حسيب حفيظ وقال قوم: معناه ها هنا من قولهم: احسبني الشيء يحسبني احساباً بمعنى كفاني. ومنه قولهم: حسبي كذا وكذا أي كفاني. وقال بعضهم: الحسيب في هذا الموضع فعيل من الحساب الذي هو بمعنى الاحصاء يقال منه: حاسبت فلاناً على كذا وكذا وهو حسيبه وذلك إذا كان صاحب حسابه. قال الزجاج: معناه يعطي كل شيء من العلم والحفظ والجزاء مقدارما يحسبه أي يكفيه. ومنه قوله:عطاء حساباً } أي كافياً. وسمي الحساب حساباً، لأنه يعلم به ما فيه الكفاية وذكر الحسن: انه دخل على النبي (صلى الله عليه وسلم) رجل، فقال: السلام عليكم، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): " وعليك السلام ورحمة الله " ، ثم دخل آخر فقال. السلام عليكم ورحمة الله، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): " وعليك السلام ورحمة الله، وبركاته " ، ثم دخل آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، وبركاته، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): " وعليك السلام ورحمة الله وبركاته " قال بعضهم يا رسول الله كيف هذا فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) " الاولان بقيا من التحية بقية فرددتها. وهذا لم يبق منها شيئاً فرددت عليه ما قال ".