الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ ٱلَّذِي تَقُولُ وَٱللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً }

قرأ أبو عمر بادغام التاء في الطاء. وبه قرأ حمزة: والباقون بالاظهار والفتح. وفرق الكسائي بين بيت طائفة فاظهر في الفعل وادغم في الاسم إذا قال بيتت طائفة. قال المبرد، والزجاج: لا وجه لذلك، بل هما سواء. وانما حسن ادغام التاء في الطاء، لقرب مخرجهما. ولم يجز إدغام الطاء في التاء، لما فيها من الاطباق. وكذلك يجوز إدغام الباء في الميم في " تكتب ما يبيتون " ولا يجوز ادغام الميم في الباء نحو { لا أقسم بهذا البلد } لأنه يخل باذهاب الغنة في ذلك، ولا يخل بها في الاول. ويحتمل رفع طاعة وجهين:

أحدهما - أمرنا طاعة.

والثاني - منا طاعة. قال الزجاج: الاول أحسن، لأنه أجمع. ويجوز طاعة " نصباً " على معنى نطيع طاعة. ولم يقرأ به. ومن القائلون لهذا القول؟ قيل فيه قولان:

[أحدهما] - قال الحسن، والسدي، والضحاك: هم المنافقون.

الثاني - انهم الذين حكى عنهم انهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقوله: { فإذا برزوا من عندك } يعني خرجوا من عندك بيت طائفة منهم يعني دبر جماعة منهم ليلا. قال المبرد: التبييت كل شيء دبر ليلا. وقال الجبائي معناه دبروه في بيوتهم وهذا بعيد لا وجه له في اللغة. قال الرماني: وفيه معنى الاخفاء في النفس، وكذلك لا يوصف تعالى به. قال عبيدة بن همام:
أتوني فلم أرض ما بيتوا   وكانوا أتوني بشيء نُكر
لأنكح أيمهم منذراً   وهل يُنكح العبد حرّ لحر؟!
ومعنى { بيت طائفة منهم غير الذي تقول } [أي غير ما تقول بأن اضمروا الخلاف فيما أمرتهم به أو نهيتهم عنه - هذا قول ابن عباس، وقتادة: والسدي. وقال الحسن: قدرت طائفة منهم] غير الذي تقول على جهة التكذيب.

وقوله: { والله يكتب ما يبيتون } فيه قولان:

الاول - نكتبه في اللوح المحفوظ ليجازوا به.

التاني - قال الزجاج: يكتب بان ينزله اليك في الكتاب. ثم أمر الله نبيه بالاعراض عنهم، وألا تسميهم باعيانهم ابقاء عليم، وبستر أمورهم إلى أن يستقر أمر الاسلام. وأمره بان يتوكل عليه { وكفى بالله وكيلاً } يعني حفيظاً، لما يجب تفويضه إليه من التدبير. وأصل الوكيل القائم بما فوض إليه من التدبير. ومعنى بيت اضمر. وأصله إحكام الامر ليلا من البيات.