الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَٰؤُلاءِ أَهْدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً }

المعنى:

قيل في المعني بهذه الآية قولان:

أحدهما - قال ابن عباس، وقتادة: هم جماعة من اليهود منهم: حي بن أخطب وكعب بن الاشرف، وسلام بن أبي الحقيق، والربيع بن الربيع. قالوا لقريش: أنتم أهدى سبيلا ممن آمن بمحمد.

الثاني - قال عكرمة إن المعني به كعب بن الاشرف، لأنه قال هذا القول، وسجد لصنمين كانا لقريش. وقيل في معنى الجبت، والطاغوت خمسة أقوال:

أحدها - قال عكرمة: إنهما صنمان. وقال أبو علي: هؤلاء جماعة من اليهود آمنوا بالاصنام التي كانت تعبدها قريش، والعرب مقاربة لهم ليعينوهم على محمد (صلى الله عليه وسلم).

الثاني - قال ابن عباس: الجبت الاصنام. والطاغوت: تراجمة الاصنام الذين يتكلمون بالتكذب عنها.

الثالث - إن الجبت الساحر. والطاغوت الشيطان، قاله ابن زيد. وقال مجاهد: الجبت: السحر.

الرابع - قال سعيد بن جبير، وأبو العالية: الجبت: الساحر. والطاغوت: الكاهن.

والخامس - في رواية عن ابن عباس والضحاك: ان الجبت حي بن أخطب، والطاغوت كعب بن الاشرف، لأنهما جاءا إلى مكة، فقال لهما أهل مكة: أنتم أهل الكتاب وأهل العلم القديم، فأخبرونا عنا وعن محمد (صلى الله عليه وسلم)، فقالا: ما أنتم وما محمد؟ قالوا: نحن ننحر الكوماء ونسقي اللبن على الماء، ونفك العناة، ونصل الارحام، ونسقي الحجيج. ومحمد منبوز قطع أرحامنا، واتبعه سراق الحجيج بنو غفار فقالا: أنتم خير منه، وأهدى سبيلا فانزل الله هذه الآية. وقال الزجاج، والفراء، والبلخي: هما كل معبود من دون الله تعالى.

اللغة:

ووزن طاغوت فعلوت على وزن رهبوت. قال الخليل: هو من طغا وقلبت اللام إلى موضع العين كما قيل: لاث في لايث. وشاك في شايك. وهذا تغيير لا يقاس عليه، لكنه يحمل على النظير. والجبت لا تصريف له في اللغة العربية. وقيل: هو الساحر بلغة حبش عن سعيد بن جبير: والسبيل المذكور في الآية هو الدين. وإنما سمي سبيلا، لأنه كالسبيل الذي هو الطريق في الاستمرار عليه ليؤدي إلى الغرض المطلوب. ونصبه على التمييز كقولك هو أحسن منك وجهاً وأجود منك ثوباً لأنك في قولك: هذا أجود منك قد أبهمت الشيء الذي فضلته به إلا أن تريد ان جملته أجود من جملتك فتقول هذا أجود منك وتمسك.