القراءة والنزول: قرأ أبو جعفر المدني: { بما حفظ الله } - بالنصب - ومعناه: بالذي حفظ الله، ويحتمل أن يكون معناه: بحفظ الله وهو ضعيف، لأنه يكون حذف الفاعل وهو ضعيف. وسبب نزول هذه الآية ما قاله الحسن، وقتادة، وابن جريج، والسدي: أن رجلا لطم امرأته فجاءت إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) تلتمس القصاص، فنزلت الآية: { الرجال قوّامون على النساء }. المعنى واللغة: والمعنى: { الرجال قوّامون على النساء } بالتأديب والتدبير لما { فضل الله } الرجال على النساء في العقل والرأي. وكان الزهري يقول: ليس بين الرجل وامرأته قصاص فيما دون النفس. ويقال: رجل قيم، وقوّام، وقيام. ومعناه: إنهم يقومون بأمر المرأة بالطاعة لله ولهم. وقوله: { فالصالحات قانتات } قال قتادة: وسفيان: معنى { قانتات } مطيعات لله ولأزواجهن. وأصل القنوت دوام الطاعة، ومنه القنوت في الوتر لطول القيام. وقوله: { حافظات للغيب بما حفظ الله } معناه: قال قتادة، وعطاء، وسفيان: حافظات لما غاب عنه أزواجهن من ماله، وما يجب من رعايته وحاله، وما يلزم من صيانتها نفسها له، { وبما حفظ الله } قال عطاء، والزجاج: أي بما حفظهن الله في مهورهن، وألزم الزوج النفقة عليهن. وقال بعضهم: معناه، والله أعلم: بالشيء الذي يحفظ أمر الله، ودين الله. وقوله: { واللاتي تخافون } قيل فيه قولان: أحدهما - تعلمون، لأن خوف النشز للعلم بموقعه، فلذلك جاز أن توضع مكان تعلم، كما قال الشاعر:
ولا تدفنني بالفلاة فانني
أخاف إذا ما مت ألا أذوقها
وقال آخر:
أتاني كلام عن نصيب يقوله
وما خفت يا سلام انك عائبي
وقال الفراء: معناه: ما ظنت، ومنه قوله (صلى الله عليه وسلم): " أمرت بالسواك حتى خفت أن أدرد ". الثاني - الخوف الذي هو خلاف الأمن، كأنه قال: تخافون نشوزهن لعلمكم بالأحوال المؤذنة به، ذكره محمد بن كعب. ومعنى النشوز ها هنا: قال ابن عباس، والسدي، وعطاء، وابن زيد: انه معصية الزوج، وأصله الترفع على الزوج بخلافه، مأخوذاً من قولهم: هو على نشز من الارض، أي ارتفاع، يقال: نشزت المرأة تنشز وتنشز، قرئ بهما:{ وإذا قيل انشزوا فانشزوا } فالنشوز يكون من قبل المرأة خاصة، والشقاق منهما. وقوله: { فهظوهن } أي خوّفوهن بالله، فان رجعن وإلا فاهجروهن في المضاجع. وقيل في معناه ثلاثة أقوال: أحدها - قال ابن عباس، وعكرمة، والضحاك، والسدي: هجر الكلام. وقال سعيد بن جبير: هو هجر الجماع. وقال مجاهد، والشعبي، وابراهيم: هو هجر المضاجعة، وهو قول أبي جعفر (ع). وقال: يحول ظهره إليها. وقال بعضهم: " اهجروهن " اربطوهن بالهجار، من قولهم: هجر الرجل البعير إذا ربطه بالهجار، وقال امرؤ القيس: