الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَٰلِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَٰضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ ٱلْفَرِيضَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً }

القراءة:

قرأ الكسائي: " المحصنات " " ومحصنات " ، بكسر الصاد حيث وقع، إلا قوله: { والمحصنات من النساء } ها هنا فانه فتح الصاد. وقرأ أهل الكوفة إلا أبو بكر، وأبو جعفر: { وأحل لكم } - بضم الهمزة، وكسر الحاء - الباقون: بفتحها. وقرأ أهل الكوفة إلا حفصا: " أحصن " بفتح الهمزة والصاد، الباقون بضم الهمزة وكسر الصاد.

المعنى:

قيل في معنى قوله: { والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم } ثلاثة أقوال:

أحدها - وهو الأقوى - ما قاله علي (ع)، وابن مسعود، وابن عباس، وأبو قلابة، وابن زيد، عن أبيه، ومكحول، والزهري، والجبائي: أن المراد به ذوات الأزواج إلا ما ملكت أيمانكم، من سبي من كان لها زوج. وقال بعضهم، مستدلا على ذلك بخبر أبي سعيد الخدري، أن الآية نزلت في سبي أوطاس، ومن خالفهم ضعف هذا الخبر بأن سبي أوطاس كانوا عبدة الأوثان، دخلوا في الاسلام.

الثاني - قال أبي بن كعب، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وابن مسعود - في رواية أخرى عنه - وسعيد بن المسيب، والحسن، وابراهيم: إن المراد به ذوات الأزواج إلا ما ملكت أيمانكم ممن قد كان لها زوج، لأن بيعها طلاقها. وقال ابن عباس: طلاق الأمة ست: سبيها طلاقها، وبيعها، وعتقها، وهبتها، وميراثها، وطلاقها. وحكي عن علي (ع)، وعمر، وعبد الرحمن بن عوف: أن السبي خاصة طلاقها، قالوا لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) خير بريرة بعد أن أعتقتها عائشة، ولو بانت بالعتق لما صح. وزعم هؤلاء أن طلاقها كطلاق الحرة.

الثالث - قال أبو العالية. وعبيدة، وسعيد بن جبير، وعطاء، واختاره الطبري: ان المحصنات العفائف، إلا ما ملكت أيمانكم بالنكاح، أو بالثمن ملك استمتاع بالمهر والبينة، أو ملك استخدام بثمن الأمة.

اللغة والاعراب:

وأصل الاحصان المنع. وسمي الحصن حصناً لمنعه من أراده من أعدائه، والدرع الحصينة أي المنيعة، والحصان الفحل من الأفراس لمنعه صاحبه من الهلاك، والحصان العفيفة من النساء، لمنعها فرجها من الفساد. ومنه قوله:التي أحصنت فرجها } وكذلك أحصنها الزوج، وبناء حصين ممتنع، وحصنت المرأة تحصن حصانة، والحاصن: العفيفة، قال العجاج:
وحاصن من حاصنات ملس   من الأذى ومن قراف الوقس
وقال أبو علي الفارسي، قال سيبويه: حصنت المرأة حصناً وهي حصان، مثل: جبنت جبناً فهي جبان، وقالوا حصناً، كما قالوا: علما قال الازهري: يقال للرجل إذا تزوج: أحصن فهو محصن، كقولهم: ألفج فهو ملفج إذا أعدم وافتقر، وأسهب فهو مسهب، إذا أكثر الكلام. وكلام العرب كله على أفعل فهو مفعل، بكسر العين، مثل أسمع فهو مسمع، وأعرب فهو معرب، وأفصح فهو مفصح، إلا ما ذكرناه والاحصان على أربعة أقسام:

أحدها - يكون بالزوجة، كقوله: { والمحصنات من النساء }.

السابقالتالي
2 3 4