الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنْ أَرَدْتُّمُ ٱسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }

المعنى:

أخذ مال المرأة، وإن كان محرماً على كل حال من غير أمرها، فانما خص الله تعالى الاستبدال بالنهي، لأن مع الاستبدال قد يتوهم جواز الاسترجاع، من حيث أن الثانية تقوم مقام الأولى، فيكون لها ما أعطيته الأولى، فبين الله تعالى أن ذلك لا يجوز. والمعنى: إن أردتم تخلية المرأة سواء استبدل مكانها أو لم يستبدل. وقوله: { وآتيتم إحداهن قنطاراً } معناه: ليس ما آتيتموهن موقوفاً على التمسك بهن، دون تخليتهن، فيكون إذا أردتم الاستبدال جاز لكم أخذه، بل هو تمليك صحيح، لا يجوز الرجوع فيه. والمراد بذلك ما أعطى المرأة مهراً لهاً، ويكون دخل بها، فأما إذا لم يدخل بها، وطلقها، جاز له أن يسترجع نصف ما أعطاها، فأما ما أعطاها على وجه الهبة، فظاهر الآية يقتضي أنه لا يجوز له الرجوع في شيء منه. لكن علمنا بالسنة أن ذلك سائغ له، وإن كان مكروهاً.

اللغة:

والقنطار المال الكثير، واختلفوا في مقداره، فقال بعضهم هو ملء جلد ثور ذهباً، وقال آخرون: هو دية الانسان، وغير ذلك من الاقوال التي قدمنا ذكرها فيما مضى. وأصل ذلك مأخوذ من القنطرة، ومنه القِنطر الداهية، لأنها كالقنطرة في عظم الصورة، وإحكام البنية. ويقال: قنطر في الأمر يقنطر إذا عظمه، بتكثير الكلام فيه، من غير حاجة إليه. وقوله: { أتأخذونه بهتاناً } قيل في معناه قولان:

أحدهما - يعني بهتاناً ظلماً كالظلم بالبهتان، وقيل بطلاناً كبطلان البهتان.

الثاني - بهتاناً أي بأن تبهتوا أنكم ملكتموه فتسترجعوه وأصل البهتان الكذب الذي يواجه به صاحبه على وجه المكابرة، وأصله التحير، ومنه قوله:فبهت الذي كفر } أي تحير عند انقطاع حجته، فالبهتان كذب يحير صاحبه. ونصب بهتاناً على أنه حال في موضع المصدر، والمعنى أتأخذونه مباهتين وآثمين. وقوله { مبيناً } أي ظاهراً لا شك فيه.