الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

[النزول]:

روى البراء بن عازب قال: آخر سورة نزلت كاملة براءة. وآخر آية نزلت خاتمة سورة النساء { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } وقال جابر بن عبد الله: نزلت في المدينة وقال ابن سيرين: نزلت في مسير كان فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) واصحابه. واختلفوا في سبب نزول هذه الآية فقال سعيد بن المسيب: سأل عمر النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الكلالة، فقال: اليس قد بين الله ذلك؟ قال: فنزلت { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } وقال جابر بن عبد الله: اشتكيت وعندي تسع اخوات لي أو سبع، فدخل عليّ النبي (صلى الله عليه وسلم) فنفخ في وجهي، فافقت. فقلت: يا رسول الله ألا أوصي لأخواتي بالثلثين؟ قال: " أحسن " قلت: الشطر. قال: " احسن " ، ثم خرج وتركني، ورجع الي فقال: " يا جابر اني لا اراك ميتاً من وجعك هذا، وان الله عز وجل قد أنزل في الذي لاخواتك فجعل لهن الثلثين " قال: وكان جابر يقول: نزلت هذه الآية فيّ. وقال قتادة: ان اصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) همهم شأن الكلالة، فانزل الله (عز وجل)، فيها هذه الآية.

[المعنى]:

معنى يستفتونك يسألونك يا محمد ان تفتيهم في الكلالة. وحذف اقتصاراً لما دل الجواب عليه. والاستفتاء والاستقضاء واحد يقال: قاضيته وفاتيته. قال الشاعر:
تعالوا نفاتيكم أأعيا وفقعس   إلى المجد أدنى ام عشيرة حاتم
هكذا انشده الحسين بن علي المغربي. وقد فسرنا معنى الكلالة وذكرنا اختلاف العلماء في ذلك فأغنى عن الاعادة. وقوله: { إن امروء هلك ليس له ولد } قال السدي: معناه مات ليس له ولد ذكر وانثى، { وله أخت } يعني وللميت اخت لأبيه وامه، فلها نصف ما ترك، فان لم يكن أخت لاب وأم،، وكانت اختاً لاب قامت مقامها، والباقي عندنا رد على الاخت سواء كان هناك عصبة، او لم يكن. وقال جميع الفقهاء: إن الباقي للعصبة، وإن لم يكن هناك عصبة، وهم العم وبنو العم، واولاد الاخ. قال فمن قال: الرد على ذوي الارحام، رد على الاخت الباقي وهو اختيار الجبائي، وأكثر اهل العلم. وقال زيد بن ثابت، والشافعي وجماعة: إن الباقي لبيت المال يرثه جميع المسلمين. وقوله: { وهو يرثها إن لم يكن لها ولد } يعني إن كانت الأخت هي الميتة، ولها أخ من أب وأم، أو من اب فالمال كله له بلا خلاف إذا لم يكن هناك ولد، سواء كان ولدها ذكراً، أو انثى، فان كان ولدها ذكراً، فالمال له بلا خلاف ويسقط الاخ، وإن كانت بنتاً كان لها النصف بالتسمية بلا خلاف والباقي رد عليها، لانها اقرب دون الأخ، ولأن الله (تعالى) انما قال: { وهو يرثها } يعني الاخ إذا لم يكن لها ولد.

السابقالتالي
2 3 4