خاطب الله (تعالى) بهذه الآية المنافقين الذين تابوا وآمنوا، واصلحوا اعمالهم، فقال: إن انتم تبتم الى الله وراجعتم الحق الواجب لله عليكم، وشكرتمره على نعمه واخلصتم عبادته، واعتصمتم به وتركتم رياء الناس، وآمنتم برسوله محمد (صلى الله عليه وسلم) وصدقتم به، واقررتم بما جاء به من عند الله ما يصنع بعذابكم، أي لا حاجة بالله الى عذابكم، وجعلكم في الدرك الاسفل من جهنم، لانه لا يجتلب بعذابكم نفعاً، ولا يدفع عن نفسه ضرراً، لانهما مستحيلان عليه. { وكان الله شاكراً } يعني لم يزل الله مجازيا للشاكر على شكره في جميع عباده عليما بما يستحقونه على طاعاته من الثواب، ولا يضيع عنده شيء منه، ولا يفوته شيء من معاصي من عصاه، فيجازي بذلك من يشاء منهم على سوء أفعالهم جزآءً بما كسبوه. وبه قال قتادة وغيره من المفسرين. والشكر هو الاعتراف بالنعمة مع ضرب من تعظيم المنعم، وذلك لا يجوز الشكر منه بمعنى الجزاء عليه كما قال: { ومكروا ومكر الله } { وجزاء سيئة سيئة مثلها } والجزاء ليست سيئة ولكن اطلق ذلك لازدواج الكلام.