الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ هَٰأَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ جَٰدَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا فَمَن يُجَٰدِلُ ٱللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً }

ها أنتم (ها) للتنبيه واعيدت مع (أولاء) والمعنى ها أنتم الذين جادلتم، لأن (هؤلاء، وهذا) يكون في الاشارة للمخاطبين التي أنفسهم بمنزلة الذين. وقد يكون لغير المخاطبين بمنزلة الذين، قال يزيد بن مفرغ:
نجوت وهذا تحملين طليق   
أي والذي تحملين طليق. قال الزجاج هؤلاء بمعنى الذين، لأن المخاطب المواجه لا يحتاج إلى الاشارة إلى نفسه. وقال المغربي: هؤلاء كناية عن اللصوص الذين يجادل عنهم. وهو غير أنتم ولذلك حسن التكرير. ومعنى الآية ها أنتم الذين جادلتم. والجدال أشد الخصومة مأخوذ من جدلت الحبل إذا أحكمت فتله. ورجل مجدول شديد. والأجدل الصقر، لأنه أشد الطيور. والمعنى يا معاشر من جادل عن بني أبيرق في الحياة الدنيا. والهاء والميم في عنهم كناية عن الخائنين، فمن يجادل الله عنهم. معناه من ذا يخاصم الله عنهم يوم تقوم الساعة يوم يقوم الناس من قبورهم إلى محشرهم فيدافع عنهم ما الله فاعل بهم. والمعنى إنكم إن دافعتم في عاجل الدنيا فانهم سيصيرون في الآخرة إلى من لا يدافع عنده عنهم أحد فيما يفعل بهم من العذاب وأليم النكال.

وقوله: { أم من يكون عليهم وكيلاً } معناه ومن ذا الذي يكون وكيلا على هؤلاء الخائنين يوم القيامة يتوكل عنهم في خصومة الله عنهم يوم القيامة. وقد بينا أن الوكالة هي القيام بأمر من يوكل له.