الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { قِيلَ ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبِّرِينَ } * { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ } * { وَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ } * { وَتَرَى ٱلْمَلاَئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقِّ وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

قرأ اهل الكوفة إلا الكسائي عن أبي بكر { فتحت.. وفتحت } بالتخفيف فيهما. الباقون بالتشديد. من خفف قال: لانها تفتح دفعة واحدة، ومن شدد قال: لانها تفتح مرة بعد اخرى. ولقولهمفتحةً لهم الأبواب } لما اخبر الله تعالى عن حال الكافرين والمؤمنين وانه يحشر الخلق في ارض الموقف، وانه يعاقب كل احد على قدر استحقاقه، اخبر - هٰهنا - عن قسمة احوالهم فقال { وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً } فالسوق الحث على السير يقال: ساقه يسوقه سوقاً، فهو سائق وذاك مسوق، ومنه قولهم: الكلام يجري على سياقة واحدة، ومنه السوق لأن المعاملة فيها تساق بالبيع والشراء، ومنه الساق لانه ينساق به البدن، و (الزمر) جمع زمرة وهي الجماعة لها صوت المزمار، ومنه مزامير داود عليه السلام يعني اصوات له كانت مستحسنة، وقال الشاعر:
له زجل كأنه صوت حاد   إذا طلب الوسيقة او زمير
قال ابو عبيدة: معناه جماعات في تفرقة بعضهم في أثر بعض { حتى إذا جاؤها } يعني جاؤا جهنم { فتحت أبوابها } أي ابواب جهنم { وقال لهم خزنتها } الموكلون بها على وجه الانكار عليهم والتهجين لفعلهم { ألم يأتكم رسل منكم } يعني من امثالكم من البشر { يتلون } أي يقرؤن { عليكم آيات ربكم } أي حجج ربكم، وما يدلكم على معرفته ووجوب عبادته { وينذرونكم لقاء يومكم هذا } أي ويخوفونكم من مشاهدة هذا اليوم وعذابه، فيقول الكفار لهم { بلى } قد جاءتنا رسل ربنا، وخوفونا لانه لا يمكنهم جحد ذلك لحصول معارفهم الضرورية { ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين } ومعناه أنه وجب العقاب على من كفر بالله، لانه تعالى اخبر بذلك وعلم من يكفر ويوافي بكفره، فقطع على عقابه، فلم يكن يقع خلاف ما علمه واخبر به، فصار كوننا في جهنم موافقاً لما أخبر به تعالى وعلمه، فيقول لهم عند ذلك الملائكة الموكلون بجهنم { ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها } أي مؤبدين لا آخر لعقابكم ثم قال تعالى { فبئس مثوى } أي بئس مقام { المتكبرين } جهنم. ثم اخبر تعالى عن حال أهل الجنة بعد حال اهل جهنم فقال { وسيق الذين اتقوا ربهم } باجتناب معاصيه وفعل طاعاته { إلى الجنة زمراً حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها } وإنما جاء فى الجنة، وفتحت ابوابها بالواو، وفى النار فتحت بغير واو، لأنه قيل: أبواب النار سبعة، وابواب الجنه ثمانية، ففرق بينهما للايذان بهذا المعنى، قالوا: لان العرب تعد من واحد إلى سبعة وتسميه عشراً ويزيدون واواً تسمى واو العشر، كقوله { التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعرون } ثم قالوالناهون عن المنكر } فاتى بالواو بعد السبعة، وقالمسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وابكاراً } فاتى بالواو فى الثامنة. وقيل: ان المعنى واحد، وإنما حذفت تارة وجيء بها اخرى تصرفاً في الكلام.

السابقالتالي
2