الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } * { إِنَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ فَٱعْبُدِ ٱللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ } * { أَلاَ لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلْخَالِصُ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَـفَّارٌ } * { لَّوْ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لاَّصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ سُبْحَانَهُ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ } * { خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ يُكَوِّرُ ٱللَّيْـلَ عَلَى ٱلنَّهَـارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّـهَارَ عَلَى ٱللَّيْلِ وَسَخَّـرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُـلٌّ يَجْرِي لأَجَـلٍ مُّسَـمًّى أَلا هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ }

خمس آيات كوفي وست في ما عداه، عدَّ الكوفي { يختلفون } رأس آية، ولم يعده الباقون.

قوله { تنزيل الكتاب } رفع بالابتداء، وخبره { من الله }. ويجوز ان يكون رفعاً على انه خبر الابتداء. والابتداء محذوف، وتقديره: هذا تنزل، والمراد بالكتاب القرآن - في قول قتادة - وسمي كتاباً لأنه مما يكتب. و (العزيز) هو القادر الذي لا يقهر ولا يمنع، و (الحكيم) هو العليم بما تدعو اليه الحكمة وما تصرف عنه. وعلى هذا يكون من صفات ذاته تعالى. وقد يكون بمعنى أن افعاله كلها حكمة ليس فيها وجه من وجوه القبيح. فيكون من صفات الأفعال، وعلى الأول يكون تعالى موصوفاً في ما لم يزل بأنه حكيم، وعلى الثاني لا يوصف إلا بعد الفعل. وقيل { العزيز } في انتقامه من اعدائه { الحكيم } في ما يفعله بهم من انواع العقاب. والذي اقتضى ذكر (العزيز الحكيم) في إنزال الكتاب انه تعالى يحفظ هذا الكتاب حتى يصل اليك على وجهه من غير تغيير ولا تبديل لموضع جهته ولا لشيء منه، وفي قوله { العزيز الحكيم } تحذير عن مخالفته.

ثم اخبر تعالى عن نفسه انه أنزل الكتاب الذي هو القرآن { إليك } يا محمد { بالحق } أي بالدين الصحيح.

ثم امره فقال { فاعبد الله مخلصاً له الدين } ومعناه توجه عبادتك اليه تعالى وحده مخلصاً من شرك الأوثان والأصنام. وقوله { مخلصاً له الدين } نصب { مخلصاً } على الحال. ونصب { الدين } بأنه مفعول لـ { مخلصاً }. وقال الفراء: يجوز أن يرفع { الدين } ، ولم يجزه الزجاج، قال: لأنه يصير ما بعده تكريراً.

ثم قال تعالى { ألا لله الدين الخالص } والاخلاص لله أن يقصد العبد بطاعته وعمله وجه الله، لا يقصد الرياء والسمعة، ولا وجهاً من وجوه الدنيا، والخالص - في اللغة - ما لا يشوبه شيء غيره، ومنه خلاصة السمن لأنه تخلصه. وقال الحسن: معناه الاسلام. وقال غيره: معناه ان له التوحيد في طاعة العباد التي يستحق بها الجزاء، فهذا لله وحده لا يجوز أن يكون لغيره، لاستحالة أن يملك هذا الأمر سواه.

وقوله { والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } معناه الحكاية عما يقول الكافرون الذين يعبدون الاصنام فانهم يقولون: ليس نعبد هذه الاصنام إلا ليقربونا إلى الله زلفى أي قربى - في قول ابن زيد - وقال السدي: الزلفى المنزلة. و (الأولياء) جمع ولي، وهو من يقوم بأمر غيره في نصرته، وحذف (يقولون) لدلالة الكلام عليه، وهو أفصح، واوجز.

ثم اخبر تعالى فقال { إن الله يحكم بينهم يوم القيامة في ما هم فيه يختلفون } من إخلاص العبادة لله والاشراك به. ثم قال { إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار } معناه إن الله تعالى لا يهديه إلى طريق الجنة او لا يحكم بهدايته إلى الحق، { من هو كاذب } على الله في أنه أمره باتخاذ الاصنام، كافر بما أنعم الله عليه، جاحد لاخلاص العبادة، ولم يرد الهداية إلى الايمان، لأنه قال

السابقالتالي
2