الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلصَّافَّاتِ صَفَّا } * { فَٱلزَّاجِرَاتِ زَجْراً } * { فَٱلتَّٰلِيَٰتِ ذِكْراً } * { إِنَّ إِلَـٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ } * { رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ ٱلْمَشَارِقِ } * { إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ } * { وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ } * { لاَّ يَسَّمَّعُونَ إِلَىٰ ٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ } * { دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ } * { إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ }

ادغم ابو عمرو - إذا أدرج - التاء في الصاد، والتاء في الزاي، والتاء في الذال في قوله { والصافات صفاً فالزاجرات زجراً فالتاليات ذكراً } لقرب مخرجهما إذا كانا من كلمتين، وافقه حمزة في جميع ذلك. الباقون بالاظهار لأن قبل التاء حرفاً ساكناً، وهو الالف، لأن مخارجها متغايرة. وقرأ ابن كثير ونافع وابو عمرو وابن عامر { بزينة الكواكب } ولذلك كان يجوز أن يقرأ برفع الكواكب غير أنه لم يقرأ به أحد، ولو قرئ به لجاز. وقرأ ابو بكر عن عاصم { بزينة } منوناً { الكواكب } نصباً على معنى تزييننا الكواكب. الباقون { بزينة } منوناً { الكواكب } خفضاً على البدل، وهو بدل الشيء من غيره، وهو بعينه، لأن الزينة هي الكواكب، وهو بدل المعرفة من النكرة، ومثله قولهلنسفعاً بالناصية ناصية } فابدل النكرة من المعرفة. وقرأ الكسائي وحمزة وخلف وحفص عن عاصم { لا يسمعون } بالتشديد، وأصله لا يتسمعون، فأدغم التاء في السين. الباقون بالتخفيف لان معنى سمعت إلى فلان وتسمعت إلى فلان واحد. وإنما يقولون تسمعت فلاناً بمعنى أدركت كلامه بغير (إلى). ومن شدّد كرّر، لئلا يشتبه. قال ابن عباس: كانوا لا يتسمعون ولا يسمعون.

هذه اقسام من الله تعالى بالأشياء التي ذكرها، وقد بينا أن له تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه، وليس لخلقه أن يحلفوا إلا بالله. وقيل إنما جاز أن يقسم تعالى بهذه الأشياء، لأنها تنبئ عن تعظيمه بما فيها من القدرة الدالة على ربها. وقال قوم: التقدير: ورب الصافات، وحذف لما ثبت من أن التعظيم بالقسم لله. وجواب القسم قوله { إن إلهكم لواحد } وقال مسروق وقتادة والسدي: إن الصافات هم الملائكة مصطفون في السماء يسبحون الله. وقيل: صفوف الملائكة في صلاتهم عند ربهم - ذكره الحسن - وقيل: هم الملائكة تصف أجنحتها في الهواء واقفة حتى يأمرها الله بما يريد، كما قالوإنا لنحن الصافون } وقال ابو عبيدة: كل شيء من السماء والأرض لم يضم قطريه فهو صاف، ومنه قولهوالطير صافات } إذا نشرت أجنحتها، والصافات جمع الجمع، لأنه جمع صافة.

وقوله { فالزاجرات زجراً } قال السدي ومجاهد: هم الملائكة يزجرون الخلق عن المعاصي زجراً يوصل الله مفهومه إلى قلوب العباد، كما يوصل مفهوم اغواء الشيطان إلى قلوبهم ليصح التكليف، وقيل: إنها تزجر السحاب في سوقها. وقال قتادة: { الزاجرات زجراً } آيات القرآن تزجر عن معاصي الله تعالى، والزجر الصرف عن الشيء لخوف الذم والعقاب، وقد يكون الصرف عن الشيء بالذم فقط على معنى انه من فعله استحق الذم.

وقوله { فالتاليات ذكراً } قيل فيه ثلاثة اقوال:

احدها - قال مجاهد والسدي: هم الملائكة تقرأ كتب الله.

وقال قتادة: هو ما يتلى في القرآن.

السابقالتالي
2