الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ } * { أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ } * { ٱللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } * { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ } * { سَلاَمٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ } * { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ }

قرأ اهل الكوفة إلا أبا بكر { الله ربكم ورب آبائكم } نصباً. الباقون بالرفع. من نصب جعله بدلا من قوله { أحسن الخالقين } ومن رفع استأنف الكلام، وقرأ نافع وابن عامر ويعقوب { سلام على آل ياسين } على إضافة (آل) إلى (ياسين). الباقون { على ألياسين } موصولة. من أضاف اراد به على آل محمد صلى الله عليه وآله لأن (يس) اسم من اسماء محمد على ما حكيناه. وقال بعضهم: أراد آل الياس عليه السلام. وقال الجبائي اراد أهل القرآن، ومن لم يضف أراد الياس. وقال: الياسين، لان العرب تغير الاسماء العجمية بالزيادة كما يقولون: ميكائيل وميكائين، وميكال وميكائل، وفي أسماعيل اسماعين قال الشاعر:
يقول اهل السوق لما جينا   هذا ورب البيت اسرائينا
وفي قراءة عبد الله { وإن إدريس لمن المرسلين سلام على إدراسين } وقيل أيضاً إنه جمع، لانه اراد الياس ومن آمن معه من قومه، وقال الشاعر:
قدني من نصر الخبيبين قدي   
فجعل ابن الزبير أبا خبيباً ومن كان على رأيه عدداً ولم يضفهم بالياء فيقول: خبيبين، فخفف في الشعر مثل الأشعرين، وكما قالوا: سيرة العمرين وخير الزهدمين، وإنما أحدهما زهدم والآخر كردم. وقال قوم: تقديره على { آل ياسين } فخفف، لانه أراد الياساً وقومه، كما قالوا: الاشعرون والمهليون. قال الشاعر:
انا ابن سعد اكرم السعدينا   
وكلهم قرأ { وإن الياس } بقطع الهمزة إلا ان أبا عامر، فانه فصل الهمزة وأسقطها في الدرج، فاذا ابتدأ فتحها، قال ابو علي النحوي: يجوز أن يكون حذف الهمزة حذفاً، كما حذفها ابو جعفر في قولهإنها لإحدى الكبر } ويحتمل أن تكون الهمزة التي تصحب لام التعريف، وهي تسقط في الدرج، وأصله (ياس).

اخبر الله تعالى أن الياس من جملة من أرسله الله إلى خلقه نبياً داعياً إلى توحيده وطاعته حين { قال لقومه ألا تتقون } الله بترك معاصيه وفعل طاعاته، فاللفظ لفظ الاستفهام والمراد به الانكار، كما يقول القائل ألا تتقي الله يا فلان في أن تظلم او تزني، وما اشبه ذلك، وإنما يريد بذلك الانكار. ثم قال لهم { أتدعون بعلا } قال الحسن والضحاك وابن زيد: المراد بالبعل - ها هنا - صنم كانوا يعبدونه، والبعل في لغة اهل اليمن هو الرب، يقولون من بعل هذا الثوب أي من ربه - وهو قول عكرمة ومجاهد وقتادة والسدي - ويقولون: هو بعل هذه الدابة أي ربها، كما يقولون: رب الدار ورب الفرس، وزوج المرأة بعلها، والنخل والزرع إذا استقى بماء السماء فهو بعل، وهو العذي، خلاف السقي. والاصل في الرب المالك فالزوج رب البضع، لانه مالكه.

ومعنى الآية أتدعون بالالهية صنماً عادلين عن أحسن الخالقين، وهذا إنكار عليهم أن يعتقدوا أن غير الله إله او يقولون لغيره يا إلهي.

السابقالتالي
2