الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ يسۤ } * { وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ } * { إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } * { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ } * { لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ } * { إِنَّا جَعَلْنَا فِيۤ أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ } * { وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } * { وَسَوَآءُ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ }

عشر آيات كوفي وتسع في ما عداه عدّ الكوفي { يس } ولم يعده الباقون.

قرأ الكسائي بامالة الألف من (ياسين) وكذلك حمزة إلا انه أقل إمالة الباقون بغير امالة. وقرأ ابن كثير ونافع وابو عمرو وابو بكر عن عاصم { تنزيل العزيز الرحيم } بالرفع الباقون بالنصب. فمن رفع، فعلى تقدير (ذلك) تنزيل العزيز، ومن نصب، فعلى تقدير (نزل) تنزيل العزيز الرحيم. وقرأ اهل الكوفة إلا ابا بكر { سداً } بفتح السين في الموضعين. الباقون بضمها، وهما لغتان، وقال ابو عمرو: وما كان من فعل الله، فهو بالفتح. وعد أهل الكوفة { يس } آية ولم يعدوا (طس) لأن (طاسين) أشبه قابيل وهابيل في الوزن، والحروف الصحاح، ولم يشبهها (ياسين) لأن أوله حرف من حروف العلة وليس مثل ذلك في الاسماء المفردة، فاشبه الجملة والكلام التام وشاكل ما بعده من رؤس الآي. وقد مضى في ما تقدم أن افتتاح أوائل السور بأمثال هذه الحروف الأقوى فيها أنها اسماء للسور. وقيل: إنها اسماء القرآن، وقيل إنها حروف إذا جمعت انبأت عن اسم الله الأعظم، وغير ذلك من الاقاويل لا نطول بذكره. وقال الحسن: معناه يا رجل. وقال محمد بن الحنفية { يس } معناه يا إنسان يا محمد، وروي عن علي عليه السلام أنه قال سمى الله تعالى النبي صلى الله عليه وآله في القرآن بسبعة اسماء: محمد، وأحمد، وطه، ويس، والمزمل، والمدثر، وعبد الله، وقيل: معناه بالسريانية يا إنسان. وقيل: معناه يا سيد الأولين والآخرين. وأخفى النون من (ياسين) الكسائي وابو بكر عن عاصم. الباقون ببيان النون، وهو الاجود لأن حروف الهجاء ينوى بها السكت والانقطاع عما بعدها. ومن قال بالاول قال لان النون والتنوين إنما يظهران عند حروف الحلق وليس ها هنا شيء منها.

وقوله { والقرآن الحكيم } قسم من الله تعالى بهذا القرآن وصفه بأنه حكيم من حيث أن فيه الحكمة، فصار ذلك بمنزلة الناطق به للبيان عن الحق الذي يعمل به. والحكمة قد تكون المعرفة، وقد تكون ما يدعو إلى المعرفة، وأصله المنع من الخلل والفساد، فالمعرفة تدعو إلى ما أدى إلى الحق من برهان أو بيان قال الشاعر:
أبني حنفية احكموا سفهاءكم   إني اخاف عليكم أن اغضبا
أي امنعوهم. وقال قوم: إنما أقسم الله بالقرآن الحكيم لعظم شأنه وموضع العبرة به والفائدة فيه، والمقسم عليه قوله { إنك لمن المرسلين } أقسم تعالى أن النبي صلى الله عليه وآله ممن أرسله الله بالنبوة والرسالة، وأنه { على صراط مستقيم } وهو طريق الحق المستقيم الذي يؤدي إلى الجنة { تنزيل العزيز الرحيم } من رفع فعلى تقدير ذلك تنزيل، ومن نصب فعلى تقدير نزل تنزيل.

السابقالتالي
2 3