الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً } * { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } * { ٱسْتِكْبَاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَكْرَ ٱلسَّيِّىءِ وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ ٱلأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً } * { أَوَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوۤاْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً } * { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً }

خمس آيات كوفي ومكي ومدني الأول. وست شامي، وفي عدد اسماعيل. وسبع بصري. عد البصري والشامي واسماعيل { تبديلاً } وعد البصري قبله { تزولا } ولم يعد ذلك الباقون.

لما بين الله تعالى أن الاصنام لا تقدر على شيء وأن ليس لها شرك في السموات والأرض، أخبر عن عظيم قدرته وسعة سلطانه فقال { إن الله يمسك السماوات } بأن يسكنها حالا بعد حال، ولا يقدر على تسكينها غيره تعالى حال بعد حال، لأنه يسكنها بغير عمد، فالارضون ساكنة بلا عمد والسموات ساكنة باسكانه. وهي غير الأفلاك التي تجري فيها النجوم، قال عبد الله بن مسعود ان السموات لا تدور، ولو كانت تدور لكانت قد زالت. ومنعهما بهذا التسكين من أن تزولا عن مواضعها او تهوي او تسقط، ومعنى { أن تزولا } كراهة أن تزولا. وقال الكوفيون: معناه ألا تزولا عن مراكزهما، فحذف (لا).

ثم قال { ولئن زالتا } معنى (لئن) (لو) ويوضع كل واحد منهما مكان الآخر، لانهما يجابان بجواب واحد. ومثلهولئن أرسلنا ريحاً فرأوه مصفراً } ومعناه و (لو) ومعنى { ولئن زالتا } يعني عن مقرهما { إن أمسكهما من أحد من بعده } أي ليس يسكنها احد ولا يقدر عليه احد بعد الله تعالى { إنه كان حليماً } يعني القادر الذي لا يعاجل واحداً بالعقوبة، ولا يحلم إلا قادر، لان من ليس بقادر، لا يصح ان يعاقب، فلا يحلم وإنما حلمه أناة بمن استحق العقوبة { غفوراً } أي ستاراً لذنوبهم إذا تابوا لا يفضحهم بها على رؤس الأشهاد، و (الغفور) الكثير الغفران لذنوب عباده بالتوبة وبالتفضل لمن يشاء منهم.

ثم حكى عن الكفار أنهم { أقسموا بالله } يعني حلفوا به { جهد أيمانهم } أي غاية وسعهم وطاقتهم { لئن جاءهم نذير } أي مخوف من جهة الله يخوفهم من معاصيه { ليكونن أهدى } إلى اتباعه والقبول منه { من إحدى الأمم } الماضية وأسبق إلى اتباعه { فلما جاءهم نذير } أي محمد صلى الله عليه وآله جاءهم يخوفهم بالله { ما زادهم } مجيئه { إلا نفوراً } أي ازدادوا عند مجيئه نفوراً عن الحق وهرباً منه لا أن مجيئه زادهم ذلك. ثم بين تعالى انهم ينفرون عند مجيء النبي { استكباراً } أي طلباً للكبر والتجبر على غيرهم { في الأرض } من أن يقروا بالحق { ومكر السيء } أي وحيلة الأفعال القبيحة والمعاصي لانهم قصدوا بذلك الفرار من اتباع محمد والايمان به، والسيء الشرك - في قول قتادة - واضيف اليه كما قاللحق اليقين } وفي قراءة عبد الله بن مسعود { ومكراً سيئاً } وقد سكن حمزة وحده الهمزة. الباقون جروها بالاضافة. والتسكين لحن عندهم اعني البصريين، لا يجوز ان يقرأ به. وقيل الوجه في تسكين حمزة كثرة الحركات في الكلام، كما قال الشاعر:

السابقالتالي
2