الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ } * { إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } * { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُـمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } * { وَمَا ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ }

ست آيات بصرى وسبع في ما عداه عدوا { بخلق جديد } ولم يعده البصريون.

قرأ يعقوب ولا { ينقص من عمره } بفتح الياء وضم القاف. الباقون على ما لم يسم فاعله. وقرأ قتيبة { والذين تدعون } بالتاء على الخطاب. الباقون بالياء على الخبر.

هذا خطاب من الله سبحانه لجميع خلقه من البشر انه خلقهم من تراب، ويريد ان آدم الذى هو ابوهم ومنه انتسلوا خلقه من تراب ومنه توالدوا. وقيل: إن المراد به جميع الخلق، لانهم إذا خلقهم من نطفة والنطفة تستحيل من الغذاء، والغذاء يستحيل من التراب، فكأنه خلقهم من تراب، ثم جعل التراب نطفة بتدريج. وعلى الأول يكون قوله { ثم من نطفة } معناه ثم خلق اولاد آدم من نطفة ثم استثنا منه عيسى في قولهإن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب } فقوله { ثم جعلكم أزواجاً } أي اشكالا لان الزوج هو الذى معه آخر من شكله، والاثنان زوجان { وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه } معناه ليس تحمل الانثى من حمل يولد ولا تضعه لتمام ولغير تمام إلا والله تعالى عالم به، لا أن علمه آلة في ذلك، ولا يدل ذلك على أن له علماً يعلم به، لأن المراد ما ذكرناه من انه لا يحصل شيء من ذلك إلا وهو عالم به.

وقوله { وما يعمر من معمر } والعمر مدة الأجل للحياة وهو تفضل من الله سبحانه وتعالى يختلف مقداره بحسب ما يعلم من مصالح خلقه، كما يختلف الغنى والفقر، والقوة والضعف، والمعنى: وليس يطول عمر احد ولا ينقص من عمره بأن يذهب بعضه بمضي الليل والنهار إلا وذلك في الكتاب المحفوظ أثبته الله تعالى قبل كونه. وقال الحسن والضحاك وابن زيد: معنى { ولا ينقص من عمره } أي من عمر معمر آخر، وقال ابو مالك: معناه ولا ينقص من عمره ينقضي ما ينقضي منه. وقال الفراء: هو كقولك: عندي درهم ونصفه أي ومثل نصف الدرهم من غيره.

ثم قال { إن ذلك على الله يسير } يعني تعمير من يعمره ونقصان من ينقصه وإثبات ذلك في الكتاب سهل على الله غير متعذر.

ثم قال تعالى { وما يستوي البحران } أي لا يستويان لان { هذا عذب فرات سائغ شرابه } اي مرئ شهي { وهذا } الآخر { ملح أجاج } فالفرات أعذب العذب والاجاج أشد المر. والاجاج مشتق من أججت النار كأنه يحرق من مرارته. واللؤلؤ والمرجان } يخرج من الملح دون العذب. وقيل: في الملح عيون عذبة، وفي ما بينهما يخرج اللؤلؤ.

ثم قال { ومن كل } يعني من البحرين العذب والاجاج { تأكلون لحماً طرياً } يعني سمكا { وتستخرجون حلية تلبسونها } من اللؤلؤ والمرجان { وترى الفلك } يعني السفن { فيه مواخر } اي تشق الماء في جريانها شقاً.

السابقالتالي
2