الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلْحَقَّ وَيَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } * { أَفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ فِي ٱلْعَذَابِ وَٱلضَّلاَلِ ٱلْبَعِيدِ } * { أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ٱلأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يٰجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَٱلطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ ٱلْحَدِيدَ } * { أَنِ ٱعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي ٱلسَّرْدِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

قرأ حمزة والكسائي { إن يشأ يخسف بهم } بالياء كناية عن الله تعالى أنه إن شاء خسف. الباقون بالنون كناية على انه إخبار منه تعالى عن نفسه.

يقول الله تعالى مخبراً أن الذين أوتوا العلم والمعرفة بوحدانية الله تعالى. قال قتادة: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وقال غيره: يجوز أن يكون المراد كل من أوتي العلم بالدين، وهو الاولى، لانه أعم { الذي أنزل إليك من ربك } يعني القرآن { هو الحق } فـ { الذي } في موضع نصب بأنه المفعول بـ { يرى } وقوله { هو } فصل، ويسميه الكوفيون عماداً، قال الشاعر:
ليت الشباب هو الرجيع إلى الفتى   والشيب كان هو البدء الاول
أنشده الكسائى على أن { هو } الاول عماد والثاني اسم. و { الحق } هو المفعول الثاني، و { يرى } في الآية بمعنى { يعلم } وموضعه يحتمل أن يكون نصباً عطفاً على { ليجزي } ويحتمل ان يكون رفعاً بالاستئناف، وإيتاء العلم اعطاؤه إما بخلق العلم او بنصب الادلة المسببة له، فهو لطف الله تعالى لهم بما أداهم إلى العلم، فكان كأنه قد أتاهم { الذي أنزل إليك } يعني القرآن وما أنزله الله عليه من الاحكام يعلمونه حقاً صحيحاً لمعرفتهم بالله وآياته الدالة على صدق نبيه { ويهدي } يعني القرآن ويرشد إلى { صراط العزيز الحميد } يعني إلى دين الله القادر الذي لا يغالب، والحميد يعني المحمود على جميع أفعاله، وهو الله تعالى.

ثم حكى ان الكفار يقول بعضهم لبعض { هل ندلكم على } ونرشدكم إلى { رجل ينبئكم } أي يخبركم { إذا مزقتم كل ممزق } أي مزقت أعضاؤكم بعد الموت، وصرتم تراباً ورميماً { إنكم لفي خلق جديد } ابتداء بأن لم يعمل فيها { ينبئكم } لانه لو أعمل فيها لنصبها، يعيدكم ويحييكم، ويقولون: هذا على وجه الاستبعاد له والتعجب من هذا القول. ومعنى { مزقتم } بليتم وتقطعت أجسامكم. والعامل في (إذ) يقول - في قول الزجاج - وتقديره هل ندلكم على رجل يقول لكم إنكم إذا مزقتم تبعثون، ويكون { إذا } بمعنى الجزاء تعمل فيها التي تليها، قال قيس:
إذا قصرت أسيافنا كان وصلها   خطانا إلى اعدائنا فنضارب
والمعنى يكن وصلها، فلذلك جزم فنضارب. وقيل العامل فيه معنى الجملة كأنه قيل: يجدد خلقكم، ولا يجوز أن يعمل فيه ما بعد لام الابتداء، ولا ما بعد ان لانها حروف لا تتصرف في نفسها ولا في معمولها. وقوله { أفترى على الله كذباً } قال قوم: اسقط ألف الاستفهام من { أفترى } لدلالة { أم } عليه. وقال الرماني: هذا غلط، لأن الف الاستفهام لا تحذف إلا في ضرورة وإنما القراءة بقطع الألف، فألف الاستفهام ثابتة وألف (افتعل) سقطت، لأنها زائدة، ومثله قولهبيدي أستكبرت } وقولهأصطفى البنات } وقولهسواء عليهم أستغفرت لهم } ونظائره كثيرة.

السابقالتالي
2 3