قرأ حمزة وحده { وهم في الغرفة آمنون } لقوله تعالى{ أولئك يجزون الغرفة بما صبروا } وفي الجنة غرفات وغرف، غير أن العرب تجتزئ بالواحد عن الجماعة إذا كان اسم جنس كما قالوا: اهلك الناس الدينار والدرهم. الباقون على الجمع { غرفات } على وزن (ظلمة، وظلمات) وحجتهم{ لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف } لما حكى الله تعالى عن الكفار أنهم قالوا: إن الله لا يعذبنا على ما تقولونه لانه أغنانا في دار الدنيا، ولم يجعلنا فقراء، فكذلك لا يعذبنا في الآخرة، قال الله رداً عليهم { قل } لهم يا محمد { إن ربي } الذي خلقني { يبسط الرزق } أي يوسع الرزق لمن يشاء على حسب ما يعلم من مصلحته ومصلحة غيره { ويقدر } أي يضيق. وهو مثل قوله{ الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر } أي يوسع ويضيق، ومنه قوله{ ومن قدر عليه رزقه } أي ضيق، وعلى هذا: يحتمل قوله{ فظن أن لن نقدر عليه } أي لن نضيق عليه، فبسط الرزق هو الزيادة فيه على قدر الكفاية، والقدر تضييقه على قدر الكفاية. ثم قال { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } ما قلناه لجهلهم بالله وبحكمته. ثم قال تعالى { وما أموالكم } أي ليس اموالكم التي خولتموها { وأولادكم } التي رزقتموها { بالتي تقربكم عندنا زلفى } قال الفراء: (التي) يجوز أن يقع على الأموال والأولاد، لان الأولاد يعبر عنها بـ (التي)، وقال غيره: جاء الخبر بلفظ احدهما - وإن دخل فيه الآخر، ولو قال بالذي يقربكم لكان جائزاً و { زلفى } قربى، وإنما يقربكم اليه تعالى أفعالكم الجميلة وطاعاته الحسنة. ثم قال { إلا من آمن وعمل صالحاً } معناه، لكن من آمن بالله وعرفه وصدق نبيه وعمل الصالحات التي أمره بها، وانتهى عن القبائح التي نهاه عنها، فان لهؤلاء { جزاء الضعف بما عملوا } ومعناه انه تعالى يجازيهم أضعاف ما عملوا، فانه يعطي بالواحد عشرة، والضعف من الاضعاف، لأنه اسم جنس يدل على القليل والكثير. ويجوز في اعراب { جزاء } أربعة أوجه: الرفع والنصب بالتنوين وتركه. وفي { الضعف } ثلاثة أوجه: الجر والنصب والرفع إلا أن القراءة بوجه واحد وهو رفع { جزاء } على الاضافة بلا تنوين، وجر { الضعف } بالاضافة اليه. ثم قال إن هؤلاء مع أن لهم جزاء الضعف على ما عملوه { هم في الغرفات } جمع غرفة وهي العلية { آمنون } فيها لا يخافون شيئاً مما يخاف مثله في دار الدنيا. ثم قال { والذين يسعون في آياتنا معاجزين } أي مسابقين: في من قرأه بألف. ومثبطين غيرهم عن افعال الخير عند من قرأه بغير ألف { أولئك في العذاب محضرون } أي يحصلون في عذاب النار. ثم قال { قل } يا محمد { إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء } أي يوسعه { ويقدر } أى يضيقه لمن يشاء.