الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوۤاْ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً } * { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً } * { لِّيَسْأَلَ ٱلصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً } * { إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ ٱلأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ }

قرأ بن كثير والكسائي وحفص عن عاصم { الظنونا } بألف في الوقف دون الوصل. وقرأ نافع وابو جعفر وابو بكر عن عاصم وابن عامر - بالالف - فيهما وقرأ ابو عمرو ويعقوب وحمزة - بغير الف - فيهما وفي المصحف بألف. من أثبت الالف أثبته لأجل الفواصل التي يطلب بها تشاكل المقاطع، ولأن الألف ثابتة في المصاحف، فاتبعوا المصحف، ومن حذف قال: لأن هذا الألف يكون بدلا من التنوين في حال الوقف، فاذا دخلت الألف واللام اسقطت التنوين، فسقط ايضاً ما هو بدل منه، ولأن مثل ذلك إنما يجوز في القوافي وذلك لا يليق بالقرآن، قال الشاعر:
اقلي اللوم عاذل والعتابا   [وقولي ان اصبت لقد اصابا]
اخبر الله تعالى ان " النبي " صلى الله عليه وآله { أولى بالمؤمنين من أنفسهم } بمعنى احق بتدبيرهم، وبأن يختاروا ما دعاهم اليه. واحق بأن يحكم فيهم بما لا يحكم به الواحد في نفسه لوجوب طاعته التي هي مقرونة بطاعة الله، وهو اولى في ذلك واحق من نفس الانسان، لانها ربما دعته إلى اتباع الهوى، ولأن النبي صلى الله عليه وآله لا يدعو إلا إلى طاعة الله، وطاعة الله اولى ان تختار على طاعة غيره. وواحد الأنفس نفس، وهي خاصة الحيوان الحساسة المدركة التي هي انفس ما فيه. ويحتمل ان يكون اشتقاقه من التنفس، وهو التروح، لان من شأنها التنفس به، ويحتمل ان يكون مأخوذاً من النفاسة، لأنها اجل ما فيه واكرمه. ثم قال { وأزواجه أمهاتكم } والمعنى أنهن كالامهات في الحرمة، وتحريم العقد عليهن. ثم قال { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين } أولوا الارحام هم أولوا الأنساب. لما ذكر الله أن ازواج النبي أمهاتهم في الحكم من جهة عظم الحرمة، قال { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض } أي إلا ما بين الله في كتابه مما لا يجوز لازواج النبي صلى الله عليه وآله أن يدعين أمهات المؤمنين. وقال قتادة: كان الناس يتوارثون بالهجرة فلا يرث الاعرابي المسلم المهاجر حتى نزلت الآية. وقيل: إنهم كانوا يتوارثون بالمؤاخاة الاولى. ثم نسخ ذلك، فبين الله تعالى أن " أولى الأرحام بعضهم أولي ببعض " أي من كان قرباه أقرب فهو أحق بالميراث من الأبعد، وظاهر ذلك يمنع أن يرث مع البنت والام احد من الأخوة والاخوات، لأن البنت والأم اقرب من الأخوة والاخوات، وكذلك يمنع أن يرث مع الاخت أحد من العمومة والعمات وأولادهم، لأنها اقرب، والخبر المروي في هذا الباب أن (ما أبقت الفرائض فلأولي عصبة ذكر) خبر واحد مطعون على سنده، لا يترك لأجله ظاهر القرآن الذي بين فيه ان أولي الارحام الأقرب منهم اولى من الابعد { في كتاب الله من المؤمنين } الموآخين والمهاجرين.

السابقالتالي
2 3