الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِيۤ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ وَمَنِ ٱبْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَآ آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قلُوبِكُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً } * { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَٱنْتَشِرُواْ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي ٱلنَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ ٱلْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذٰلِكُمْ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيماً } * { إِن تُبْدُواْ شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } * { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِيۤ آبَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً }

قرأ ابن كثير وابو عمرو وابن عامر وابوبكر عن عاصم { ترجئ } مهموزة. الباقون بغير همز. من همز خففها ومن ترك الهمز لين، وهما لغتان يقال: أرجئت وأرجيت. وقرأ ابو عمرو وحده { لا تحل } بالتاء. الباقون بالياء. فمن قرأ بالتاء، فلان النساء مؤنثة. ومن قرأ بالياء حمله على اللفظ لأن المعنى: لا يحل لك شيء من النساء.

هذا خطاب من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله يخيره في نسائه بين أن يرجئ منهن من شاء أي تؤخر وتبعد. قال ابن عباس: خيره الله بين طلاقهن وإمساكهن. وقال قوم: معناه تترك نكاح من شئت وتنكح من شئت من نساء أمتك. وقال مجاهد: معناه تعزل من شئت من نسائك فلا تأتيها وتأتي من شئت من نسائك فلا تقسم لها، فعلى هذا يكون القسم ساقطاً عنه فكان ممن أرجى ميمونه وأم حبيبة وصفية وسودة، فكان يقسم لهن من نفسه وماله ما شاء، وكان ممن يأوي عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب، فكان يقسم نفسه وماله بينهن بالسوية. وقال زيد بن اسلم: نزلت في اللاتي وهبن انفسهن فقال الله له تزوج من شئت منهن واترك من شئت، وهو اختيار الطبري وهو أليق بما تقدم. فالارجاء هو التأخير وهو من تبعيد وقت الشيء عن وقت غيره ومنه الارجاء في فساق أهل الصلاة، وهو تأخير حكمهم بالعقاب إلى الله { وتؤوي منهن من تشاء } فالايواء: ضم القادر غيره من الاحياء الذين من جنس ما يعقل إلى غيره أو ناحيته، تقول آويت الانسان آويه إيواء وأوى هو يأوي أوياً إذا انضم إلى مأواه.

وقوله { ومن ابتغيت } يعني من طلبت { ممن عزلت } قال قتادة: كان نبي الله يقسم بين أزواجه فأحل الله تعالى له ترك ذلك. وقيل { ومن ابتغيت } اصابته ممن كنت عزلت عن ذلك من نسائك. وقال الحسن { ترجي من تشاء منهن } تذكر المرأة للتزويج ثم ترجيها فلا تتزوجها { فلا جناح عليك } أي لا جناح عليك في ابتغاء من شئت وإرجاء من عزلت وإيواء من شئت { ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن } أي اقرب إذا علمن أن الرخصة من قبل الله كان ذلك اقر لعينهن، وإنهن لا يطلقن وأشد لسرورهن وهو قول قتادة. وقيل { ذلك أدنى أن تقر أعينهن } إذا طمعت في ردّها إلى فراشها بعد عزلها { ويرضين بما آتيتهن كلهن } رفع { كلهنّ } على تأكيد الضمير وهو النون في { يرضين } لا يجوز غير ذلك، لان المعنى عليه. ثم قال { والله يعلم ما في قلوبكم } من الرضا والسخط والميل إلى بعض النساء دون بعض { وكان الله عليماً } بذلك { حليماً } عن ان يعاجل أحداً بالعقوبة.

السابقالتالي
2 3