الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً } * { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً } * { مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً } * { ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ ٱللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ ٱللَّهَ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً } * { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }

قرأ اهل الكوفة { أن يكون لهم الخيرة } بالياء، لان التأنيث غير حقيقي.

الباقون بالتاء لتأنيث الخيرة. والخيرة جمع خير وحكي خيرة بفتح الياء وسكونها وقرأ عاصم { وخاتم } بفتح التاء. الباقون بكسرها. وهو الأقوى، لأنه مشتق من ختم، فهو خاتم. وقال الحسن: خاتم وهو الذي ختم به الانبياء. وقيل: هما لغتان - فتح التاء وكسرها - وفيه لغة ثالثة (خاتام) وقرئ به في الشواذ. وحكي ايضاً (ختام).

وروي عن ابن عباس، وذهب اليه مجاهد، وقتادة أنه نزل قوله { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة.... } الآية، في زينب بنت جحش، لما خطبها رسول الله صلى الله عليه وآله لزيد بن حارثة فامتنعت لنسبها من قريش وإن زيداً كان عبداً، فأنزل الله الآية فرضيت به. وقال ابن زيد: نزلت في أم كلثوم بنت عقبة ابن ابي معيط، وكانت وهبت نفسها لرسول الله صلى الله عليه وآله فزوجها زيد بن حارثة. بين الله تعالى في هذه الآية انه لم يكن { لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً } بمعنى إلزاماً وحكما { أن يكون لهم الخيرة } اي ليس لهم ان يتخيروا مع امر الله بشيء يترك به ما امر به إلى ما لم يأذن فيه. والخيرة إرادة اختيار الشيء على غيره. وفي ذلك دلالة على فساد مذهب المجبرة في القضاء والقدر، لأنه لو كان الله تعالى قضى المعاصي لم يكن لأحد الخيرة، ولوجب عليه الوفاء به. ومن خالف في ذلك كان عاصياً، وذلك خلاف الاجماع.

ثم قال { ومن يعص الله ورسوله } في ما قضيا به وامرا به وخالفهما { فقد ضل } عن الحق وخاب عنه { ضلالاً مبيناً } أي ظاهراً.

ثم خاطب النبي صلى الله عليه وآله فقال واذكر يا محمد حين { تقول للذي أنعم الله عليه } يعني بالهداية إلى الايمان { وأنعمت عليه } بالعتق { أمسك عليك زوجك } اي احبسها، ولا تطلقها، لأن زيداً جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله مخاصما زوجته زينب بنت جحش على ان يطلقها، فوعظه النبي صلى الله عليه وآله، وقال له: لا تطلقها وامسكها { واتق الله } في مفارقتها { وتخفي في نفسك ما الله مبديه } فالذي اخفى في نفسه انه إن طلقها زيد تزوجها وخشي من إظهار هذا للناس، وكان الله تعالى امره بتزوجها إذا طلقها زيد، فقال الله تعالى له ان تركت إظهار هذا خشية الناس فترك اضماره خشية الله احق وأولى. وقال الحسن: معناه وتخشى عيب الناس. وروي عن عائشة انها قالت لو كتم رسول الله صلى الله عليه وآله شيئاً من الوحي لكتم { وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه } وقيل: إن زيداً لما جاء مخاصماً زوجته، فرآها النبي صلى الله عليه وآله استحسنها وتمنى ان يفارقها زيد حتى يتزوجها، فكتم.

السابقالتالي
2 3