الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً } * { وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } * { وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً } * { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً }

قرأ ابن كثير، وابن عامر { نضعف } بالنون وتشديد العين { العذاب } نصباً، أسند الفعل إلى الله تعالى. وقرأ ابو عمرو { يضعف } بالياء وتشديد العين بلا ألف على ما لم يسم فاعله. الباقون { يضاعف } بالياء والألف.

والذي عليه أكثر المفسرين إن المعني بقوله { وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب } هم بنو قريظة من اليهود، وكانوا نقضوا العهد بينهم وبين النبي صلى الله عليه وآله وعاونوا أبا سفيان، فلما هزم الأحزاب امر النبي صلى الله عليه وآله مناديه بأن ينادي لا يصلين أحد العصر إلا ببني قريظة، لأن جبرائيل عليه السلام نزل عليه وقال إن الملائكة لم تضع أسلحتها بعد، ففيهم من لحق ذلك بعد وصلى العصر في الوقت، وفيهم من صلاها قبل ذلك. وكل صوبه رسول الله. ثم حكم سعد ابن معاذ فيهم رضوا بحكمه، فحكم سعد أن تقتل الرجال، وتسبى الذراري والنساء وتقسم الأموال وتكون الارض للمهاجرين دون الأنصار، فقيل له في ذلك فقال لكم دار، وليس للمهاجرين دار، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله " حكم فيهم بحكم الله تعالى " ، وفي بعض الأخبار لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة، وهو جمع رقيع اسم من اسماء سماء الدنيا. وقال الحسن: الآية نزلت في بني النضير والاول أصح وأليق بسياق الآيات، لان بني الضير لم يكن لهم في قتال الأحزاب شيء، وكانوا قد انجلوا قبل ذلك.

والمظاهرة المعاونة، وهي زيادة القوة بأن يكون المعاون ظهراً لصاحبه في الدفع عنه، والظهر المعين. وفي قراءة ابن مسعود آزروهم، ومعناه عاونوهم. والصياصي الحصون التي يمتنع بها واحدها صيصية. ويقال جذ الله صيصية فلان أي حصنه الذي يمتنع به. والصيصية قرن البقرة وشوكة الديك أيضاً، وهي شوكة الحائك أيضاً، قال الشاعر:
[ما راعني إلا الرماح تنوشه]   كوقع الصياصي في النسيج الممدد
وقوله { وقذف في قلوبهم الرعب } أي ألقى في قلوبهم يعني اليهود والمشركين خوفاً من النبي صلى الله عليه وآله { فريقاً تقتلون } منهم يعني الرجال { وتأسرون فريقاً } يعني النساء والذراري ثم قال { وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم } يعني ديار بني قريظة وأرضهم وأموالهم. جعلها الله للمسلمين مع ذلك ونقلها اليهم { وأرضا لم تطؤها } معناه وأورثكم أرضاً لم تطؤها، قال الحسن: هي أرض فارس والروم. وقال قتادة: هي مكة. وقال يزيد بن رومان وابن زيد: هي خيبر { وكان الله على كل شيء قديراً } أي قادراً على توريثكم أرض هؤلاء وأموالهم ونصركم وغير ذلك. إلى ها هنا انتهت قصة الأحزاب.

ثم انتقل إلى خطاب النبي صلى الله عليه وآله فقال له { يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً } قال الحسن لم يكن ذلك تخيير طلاق، انما هو تخيير بين الدنيا والآخرة.

السابقالتالي
2 3