الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤـمۤ } * { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } * { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ }

خمس آيات كوفي وأربع فيما عداه عدوا { الم } آية ولم يعدها الباقون. روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يقرأ في كل ليلة سورة السجدة { الم تنزيل } و { تبارك الذي بيده الملك }.

و { تنزيل } رفع على انه خبر ابتداء محذوف، وتقديره { الم } هو تنزيل. ويجوز أن يكون { تنزيل } رفعاً بالابتداء، وخبره { لا ريب فيه } ذكره الزجاج. وقد تكرر القول بأن أوائل امثال هذه السور أقوى الأقوال فيها انها أسماء للسورة، ورجحناه على غيره من الأقوال. والتلفظ بحروف الهجاء ينبغي ان يكون على الوقف، لانها مبنية على السكون من حيث كانت حكاية للاصوات.

وقوله { تنزيل الكتاب } أي هذه الآيات هي تنزيل الكتاب الذي وعدتم به { لا ريب فيه } أي لا شك فيه أنه وحي من الله. والمعنى أنه لا ريب فيه عند المهتدين، وإن كان ارتاب به خلق من المبطلين. وهو مثل قول القائل: لا ريب في هذا انه ذهب أي عند من رآه واعتبره. وقيل: معنى { لا ريب فيه } خبر والمراد به النهي، والمعنى لا ترتابوا به، والريب الشك. وقيل: هو اقبح الشك. ووجوه الحكم في الكتاب البيان عن كل ما تدعو الحكمة إلى تميز الحق فيه من الباطل بالبرهان عليه مما يحتاج اليه في الدين الذي يرضى به رب العالمين، وهو على وجهين: حجة، وموعظة، واعتماد الحجة على تبين ما يؤدي إلى العلم بصحة الأمر، واعتماد الموعظة على الترغيب والترهيب، وفي الموعظة من جهة التحذير بما تضمنه أي يقرب ما في السورة المسمى به من الحكم، وفيه حجة على العبد من جهة انه قد دل به على ما يجب أنه يعتقد تعظيمه ويعمل به.

وقوله { من رب العالمين } أي هو تنزيل من عند الله الذي خلق الخلائق. وقوله { أم يقولون افتراه } فهذه (أم) منقطعة، ومعناها (بل) وتقديره: بل يقولون افتراه، ففيها معنى (بل) والألف إذا كانت معادلة فمعناها (او) مع الاستفهام، و (افتراه) معناه افتعله، بل قال تعالى ليس الأمر على ما قالوه { بل هو الحق } من عند الله والحق هو كل شيء كان معتقده على ما هو به مما يدعو العقل اليه واستحقاق المدح عليه. وتعظيمه الكتاب حق، لأن من اعتقد أنه من عند الله كان معتقده على ما هو به. والباطل نقيض الحق، وهو ما كان معتقده لا على ما هو به.

وقوله { بل هو الحق من ربك } فيه دلالة على بطلان مذهب المجبرة لان الله تعالى أنزله ليهتدي به الخلق لا ليضلوا به عن الدين، والمجبرة تزعم انه أراد ضلال الكفار عن الدين فيجب كونه منزلا ليضل الكفار عن الدين.

السابقالتالي
2