الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ }

قال محمد بن جعفر بن الزبير: نزلت هذه الآية في وفد نجران، وفيها دلالة على بطلان مذهب المجبرة، لأنه قال لا يحب الكافرين ومعنى لا يحبهم لا يريد ثوابهم من أجل كفرهم، فاذن لا يريد كفرهم، لأنه لو أراده لم يكن نفي محبته لكفرهم، والطاعة إتباع الداعي فيما دعا إليه بأمره أو إرادته، ولذلك قد يكون الانسان مطيعاً للشيطان فيما يدعوه إليه، وإن لم يقصد أن يطيعه، لأنه إذا مال مع ما يجده في نفسه من الدعاء إلى المعصية، فقد أطاع الداعي إليها. فان قيل ما الفرق بين الطاعة وموافقه الارادة؟ قيل: موافقة الارادة قد تكون طاعة، وقد تكون غير طاعة إذا لم تقع موقع الداعي إلى الفعل نحو ارادتي، لأن يتصدق زيد بدرهم من غير أن يشعر بذلك، فلا يكون بفعله مطيعاً لي ولو فعله من أجل إرادتي لكان مطيعاً وكذلك لو أحسن بدعائي إلى ذلك فمال معه. وقوله: { إن الله لا يحب الكافرين } معناه أنه يبغضهم ولا يريد ثوابهم، فدل بالنفي على الاثبات وكان ذلك أبلغ، لأنه لو قال إنه يبغضهم لجاز أن يتوهم أن يبغضهم من وجه ويحبهم من وجه كما يعلم الشيء من وجه، ويجهل من وجه، فاذا قيل لا يعلمه لم يحتمل الوجوه.