الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ ٱلْكَافِرِينَ }

المعنى، واللغة:

قيل في معنى قوله: { وليمحص الله } أربعة أقوال:

أحدها - قال ابن عباس، ومجاهد، والسدي: ليبتلي، { ويمحق الكافرين } بنقصهم في قول ابن عباس، وقال غيره يهلكهم، وقال الفراء: معنى { وليمحص الله } يعني ذنوب المؤمنين، وقال الزجاج: يخلصهم من الذنوب وهذا قريب من قول الفراء: وقال الرماني معناه { ولميحص الله الذين آمنوا } ينجيهم من الذنوب بالابتلاء ويهلك الكافرين بالذنوب عند الابتلاء. وأصل التمحيص التخليص في قول أبي العباس تقول محصت الشئ أمحصه محصاً: إذا خصلته. وقال الخليل: المحص الخلوص من العيب، محصته محصاً أي خلصته من كل عيب، ومحص الجمل: إذا ذهب وبره يمحص. وجبل محص أي ملص، ومحص الظبي، يمحص إذا عدا عدواً شديداً محصاً، ويستحب أن تمحص قوائم الفرس أي تخلص من الرهل. وتقول: اللهم محص عنا ذنوبنا أي اذهبها عنا، لأنه تخليص الحسنات بتكفير السيئات. ويقال تمحص الفرس: إذا ذهب شحمه الرديء، وبقي لحمه، وقوته بالضمور. وأصل المحق فناء الشيء حالا بعد حال، ولهذا دخله معنى النقصان. وأمحق الشيء امحاقاً. والمحاق: آخر الشهر إذا أمحق الهلال، فلم ير، لذهاب ضوئه حالا بعد حال. وامتحق الشيء وتمحق: إذا ذهبت بركته بنقصانها حالا بعد حال. ومحقه تمحيقاً. وإنما قابل بين التمحيص، والمحق، لأن محص هؤلاء باهلاك ذنوبهم نظير محق أولئك باهلاك أنفسهم، وهذه مقابلة في المعنى. وقيل في تمحيص المؤمنين بالمداولة قولان:

أحدهما - لما في تخليتهم مع تمكين الكافرين منهم من التعريض للصبر الذي يستحقون به عظيم الأجر، ويحط كثيراً من الذنوب.

الثاني - لما في ذلك من اللطف الذي يعصم من اقتراف المعصية.