الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ ٱلرِّبَٰواْ أَضْعَٰفاً مُّضَٰعَفَةً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

النظم، والمعنى:

لما ذكر الله تعالى أن له عذاب من يشاء، والعفو عمن يشاء، وصل ذلك بالنهي عما لو فعلوه لاستحقوا عليه العقاب، وعذبوا عليه، وهو الربا، والربا المنهي عنه قال عطا، ومجاهد: هو ربا الجاهلية، وهو الزيادة على أصل المال بالتأخير عن الأجل الحال. ويدخل فيه كل زيادة محرمة في المعاملة من جهة المضاعفة، ووجه تحريم الربا هو المصلحة التي علمها الله تعالى. وقيل فيه وجوه على وجه التقريب: منها للفصل بينه وبين البيع. ومنها - أنه مثال العدل يدعو إليه ويحض عليه. ومنها - أنه يدعوا إلى مكارم الاخلاق بالاقراض وانظار المعسر من غير زيادة. وهذا الوجه روي عن أبي عبد الله (ع). وقوله: { أضعافاً مضاعفة } قيل في معناه ها هنا قولان:

أحدهما - للمضاعفة بالتأخير أجلا بعد أجل كلما أخر عن أجل إلى غيره زيد عليه زيادة على المال.

الثاني - { أضعافاً مضاعفة } أي يضاعفون في أموالكم. وقيل في تكرير تحريم الربا ها هنا مع ما تقدم في قوله:وأحل الله البيع وحرم الربا } وغير ذلك قولان:

أحدهما - للتصريح بالنهي عنه بعد الاخبار بتحريمه لما في ذلك من تصريف الخطر له وشدة التحرز منه.

الثاني - لتأكيد النهي عن هذا الضرب منه الذي يجري على الاضعاف المضاعفة. وقوله: { واتقوا الله } معناه اتقوا معاصيه. وقيل: اتقوا عذابه بترك معاصيه { لعلكم تفلحون } ، لكي تنجحوا بادراك ما تأملونه، وتفوزوا بثواب الجنة، لأن (لعل) وان كان للشك، فان ذلك لا يجوز على الله تعالى. وقد بينا لذلك نظائر فيما مضى.