الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

المعنى:

لما ذكر تعالى أن عمل المتقين لن يضيع، وأنهم يجازون به، أستأنف حكم الكافرين، وبين انه { لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم } شيئاً من الله وإنما خص الأموال، والاولاد بالذكر في أنهم لا يغنون عن الكافر شيئا وإن كان لا يغني عنهم غير هؤلاء أيضاً شيئا، لأنهما معتمد ما يقع به الاعتداد، ومما يعول عليه الانسان ويرجوه للشدائد ويفيد النفي العام، لأنه إذا لم يغن عنه من هو حقيق بالغناء لمنع من لا يعجزه شيء فغناء من دونه أبعد.

اللغة:

وقوله: { وأولئك أصحاب النار } إنما سموا أصحاب النار، للزومهم فيها كما يقال هؤلاء أصحاب الصحراء إذا كانوا ملازمين لها، وقد يقال أصحاب العقار بمعنى ملاكه وأصحاب الرجل أتباعه وأعوانه وأصحاب العالم من يعني به الآخذون عنه، والمتعلمون عنه، فالاضافة مختلفة. ومعنى { لن تغني عنهم } أي لن تدفع عنهم ضرر الولاء النازل بهم ولو قيل أغناه كذا عن كذا أفاد أن أحد الشيئين صار بدلا من الآخر في نفي الحاجة، والغنى الاختصاص بما ينفي الحاجة، فان اختص بمال ينفي الحاجة، فذلك غنى. وكذلك الغنى بالجاه والاصحاب وغير ذلك، فأما الغنى في صفت الله فاختصاصه بكونه قادراً على وجه لا يعجزه شيء، وقولنا فيه: أنه غنى معناه أنه لا يجوز عليه الحاجة.

وأصل النار النور، وهو مصدر. والنار جنس تجري مجرى الوصف في تضمنه معنى الأصل وزيادة عليه، لأنها جسم لطيف فيه حرارة ونور. ومنه امرأة نوار أي نافرة عن الشر عفيفة، لأنها كالنار في الامتناع. ومنه المنار الاعلام، لأنها كالنور في البيان. ومنه المنارة التي يسرج عليها.