الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

المعنى:

قال الحسن، والربيع: المعني بهذا التفرق في الآية اليهود والنصارى، فكأنه قال يا أيها المؤمنون { لا تكونوا كالذين تفرقوا } يعني اليهود والنصارى. وقوله: { من بعد ما جاءهم البينات } معناه من بعد ما نصبت لهم الادلة ولا يدل ذلك على عناد الجميع، لأن قيام البينات إنما يعلم بها الحق إذا نظر فيها واستدل بها على الحق، فان قيل إذا كان التفرق في الدين هو الاختلاف فيه، فلم ذكر الوصفان؟ قلنا: لأن معنى { تفرقوا } يعني بالعداوة واختلفوا في الديانة، فمعنى الصفة الأولى مخالف لمعنى الصفة الثانية، وفيمن نفى القياس، والاجتهاد من استدل بهذه الآية على المنع من الاختلاف جملة في الاصول والفروع، واعترض من خالف في ذلك بأن قال لا يدل ذلك على فساد الاختلاف في مسائل الاجتهاد، كما لا يدل على فساد الاختلاف في المسائل المنصوص عليها، كاختلاف حكم المسافر والمقيم في الصلاة والصيام، وغير ذلك من الأحكام، لأن جميعه مدلول على صحته إما بالنص عليه وإما بالرضى به، وهذا ليس بشيء، لأن لمن خالف في ذلك أن يقول: الظاهر يمنع من الاختلاف على كل حال إلا ما أخرجه الدليل، وما ذكره أخرجناه بالاجماع فالاجود في الطعن أن يقال: وقد دل الدليل على وجوب التعبد بالقياس والاجتهاد! قلنا: إن يخص ذلك أيضاً ويصير الكلام في صحة ذلك أو فساده، فالاستدلال بالآية إذاً صحيح على نفي الاجتهاد. وقوله: { جاءهم البينات } إنما حذفت منه علامة التأنيث إذا تقدم، فكذلك لا يلحقه علامة التأنيث لشبهها علامة التثنية والجمع.