الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } * { ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } * { وَمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } * { فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلْفُلْكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } * { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ يَعلَمُونَ }

سبع آيات بصري وشامي، وست في ما عداه عدوا { مخلصين له الدين } ولم يعده الباقون.

قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وخلف، والمسيبي، والأعشى، والبرجمي والكسائي عن أبي بكر { ليكفروا، وليتمتعوا } ساكنة اللام. الباقون بالكسر إلا نافعاً، لأنه اختلف عنه فيه. قال ابو علي: من كسرها وجعلها الجارة جعلها متعلقة بالاشراك، وكأن المعنى: يشركون ليكفروا، أي لا فائدة لهم في الاشراك إلا الكفر والتمتع بما يتمتعون به عاجلا من غير نصيب آجلا. ومن سكن جعل { ليكفروا } بمنزلة الأمر، وعطف عليه، وكان على وجه التهديد. وقال غيره: تحتمل هذه اللام أن تكون (لام كي) أي كأنهم اشركوا ليكفروا إذ لا يدفع الشرك في العبادة من كفر النعمة. ويجوز أن يكون لام الأمر على وجه التهديد بدلالة قوله { فسوف تعلمون }.

يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله ولئن سألت هؤلاء الكفار الذين جحدوا توحيدى وكفروا بنبوتك { من خلق السماوات والأرض } والمنشيء لها والمخرج لها من العدم إلى الوجود { وسخر الشمس والقمر } في دورانها على طريقه واحدة لا تختلف؟؟ { ليقولن } في جواب ذلك { الله } الفاعل لذلك لأنهم كانوا يقولون بحدوث العالم. والنشأة الأولى، ويعترفون بأن الأصنام لا تقدر على ذلك. ثم قال { فأنى يؤفكون } هؤلاء أي كيف يصرفون عن صانع ذلك والاخلاص لعبادته - في قول قتادة -.

ثم قال { الله يبسط الرزق لمن يشاء } أي يوسعه لمن يشاء من عباده بحسب ما تقتضيه المصلحة { ويقدر } أي يضيق مثل ذلك على حسب المصلحة ومنه قولهومن قدر عليه رزقه } بمعنى ضيق على قدر ما فيه مصلحته. وقيل: معنى ويقدر - ها هنا - ويقبض رزق العبد بحسب ما تقتضيه مصلحته. وخص بذكر الرزق على الهجرة لئلا يخلفهم عنها خوف العيلة.

وقوله { إن الله بكل شيء عليم } أي عالم بما يصلح العبد وبما يفسده فهو يوسع الرزق ويبسط بحسب ذلك. ثم قال { ولئن سألتهم } يعني هؤلاء الذين ذكرناهم { من نزل من السماء ماء }؟ يعني مطراً { فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن } في الجواب عن ذلك { الله } فـ { قل } يا محمد عند ذلك { الحمد لله } على فنون نعمه على ما وفقنا للاعتراف بتوحيده واخلاص عبادته. ثم قال { بل أكثرهم } يعني هؤلاء الخلق { لا يعقلون } ما قلناه لعدو لهم عن طريق المفضي اليه. ثم قال تعالى وليس { هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب } لأنها تزول كما يزول اللهو واللعب، لا بقاء لها، ولا دوام، كما يزول اللهو واللعب { وإن الدار الآخرة لهي الحيوان } أي الحياة على الحقيقة لكونها دائمة باقية { لو كانوا يعلمون } صحة ما أخبرناك به. وقال ابو عبيدة: الحيوان والحياة واحد.

السابقالتالي
2