الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُشْرَىٰ قَالُوۤاْ إِنَّا مُهْلِكُوۤ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظَالِمِينَ } * { قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } * { وَلَمَّآ أَن جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالُواْ لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرينَ } * { إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَىٰ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } * { وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَآ آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }

قرأ حمزة والكسائي وخلف ويعقوب { لننجينه } بالتخفيف. الباقون بالتثقيل. وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وخلف وابو بكر ويعقوب { منجوك } غير متحرك بالتخفيف. الباقون بالتشديد وقرأ ابن عامر والكسائي عن ابي بكر { منزلون } بالتشديد. الباقون بالتخفيف. من قرأ { لننجينه } بالتشديد وبتحريك النون، فلقولهونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون } ولقولهإلا آل لوط نجيناهم بسحر } ومن خفف فلقولهفأنجاه الله من النار } يقال: نجا زيد وأنجيته ونجيته، مثل فرح وفرحته وأفرحته. ومن قرأ { منزلون } بالتشديد، فلان أصله نزل، كما قالنزل به الروح الأمين } فاذا عديته ثقلته إما بالهمزة او بالتضعيف والتضعيف يدل على التكرار.

وقوله { إنا منجوك وأهلك } نصب { أهلك } على انه مفعول به عطفاً على موضع الكاف، وقولهقوا أنفسكم وأهليكم } انما كسر اللام وموضعها النصب، لان العرب تقول: رأيت أهلك يريدون جميع القرابات. ومنهم من يقول: أهليك، ويجمع اهل على أهلين، فاذا أضافه ذهبت النون للاضافة، فالياء علامة الجمع والنصب، وكسرت اللام لمجاورتها الياء. وفي الحديث " " ان لله أهلين " قيل: من هم يا رسول الله؟ قال " اهل القرآن هم اهل الله وخاصته " " ومن العرب من يجمع (أهلا) أهلات انشد ابن مجاهد:
فهم اهلات حول قيس بن عاصم   إذا ادلجوا بالليل يدعون كوثرا
قال ابن خالويه: الصواب أن يجعل اهلات جمع اهلة. قال: فان قيل: هل يجوز أن تقول أهلون؟ - بفتح الهاء - كما يقولون: أرضون إذ كان الأصل ارضات، قال: إن (أهلا) مدكر تصغيره أهيل، وارضاً مؤنثة تصغيرها أريضة، والتاء سابقة في المؤنث ممتنعة في المذكر، فهذا يفصل ما بينهما، قال وما علمت أحداً تكلم فيه.

اخبر الله تعالى انه لما جاء ابراهيم رسل الله، وهم من الملائكة بالبشرى يبشرونه باسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب، والبشرى البيان، وهو الخبر بما يظهر سروره في بشرة الوجه. وقيل: للاخبار بما يظهر سروره او غمه في البشرة: بشرى، ويقوي ذلك قولهفبشرهم بعذاب أليم } غير انه غلب عليه البشارة بما يسر به.

وقوله { قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية } حكاية ما قالت الملائكة لابراهيم فانهم قالوا له: بعثنا الله وارسلنا لاهلاك هذه القرية التي فيها قوم لوط. والاهلاك الاذهاب بالشيء إلى ما لا يقع به احساس، فلما كانوا بالعذاب قد اذهبوا هذا الاذهاب كانوا قد اهلكوا، والقرية البلدة التي يجتمع اليها للايواء من جهات مختلفة، وهي من قريت الماء في الحوض أقريه قرياً. إذا جمعته. ومنه قرى الضيف لانك تجمعه اليك بما تعده له من طعام. و (الظالم) من فعل الظلم وهو صفة ذم.

فقال لهم ابراهيم عند ذلك { إن فيها لوطاً } كيف تهلكونها، فقالوا في جوابه { نحن أعلم بمن فيها } والأعلم الاكثر معلوماً، فاذا كان الشيء معلوماً لعالم من جهات مختلفة ولعالم آخر من بعض تلك الوجوه دون بعض كان ذلك اعلم.

السابقالتالي
2