الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ } * { وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِٱلأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ } * { تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } * { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى ٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ قُل رَّبِّيۤ أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَمَا كُنتَ تَرْجُوۤ أَن يُلْقَىٰ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَافِرِينَ } * { وَلاَ يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ ٱللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { وَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ ٱلْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

روي عن الكسائي الوقف على " وي " من قوله تعالى " وي كأن الله " ومن قوله " وي كأنه " وروي عن ابن عمر الوقف على الكاف منهما قال ابو طاهر: الاختيار اتباع المصحف، وهما فيه كلمة واحدة، وقرأ حفص ويعقوب { لخسف بنا } بفتح الخاء والسين. الباقون بضم الخاء وكسر السين على ما لم يسم فاعله.

حكى الله تعالى أن خسف بقارون وبداره الأرض، فمر يهوي فيها حتى زهقت نفسه على اسوء حالها، والخسف ذهاب في الأرض في جهة السفل.

ثم اخبر تعالى انه لم يكن لقارون { فئة } أي جماعة منقطعة اليه. والفئة مشتق من فأوت رأسه بالسيف إذا قطعته، وتصغيرها فئية { ينصرونه من دون الله } أي يمنعونه من عذاب الله الذي نزل به، وانما ذكر امتناع النصرة من الله مع أنه معلوم أنه كذلك، لان المراد أنه لم يكن الأمر على ما قدره من امتناعه بحاشيته وجنده، لان الذي غره قوته وتمكنه حتى تمرد في طغيانه. ثم اخبر انه كما لم يكن له من ينصره لم يكن هو ايضاً ممن ينتصر بنفسه لضعفه عن ذلك وقصوره عنه. ثم حكى أن { الذين تمنوا مكانه بالأمس } حين خرج عليهم على زينته لما رأوه خسف الله به، أصبحوا يقولون { ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر } أي يوسع رزقه على من يشاء ويضيق على من يشاء، اعترفوا بذلك. ومعنى (وي) التنبيه على أمر من الامور، وهي حرف مفصول من (كأن) - في قول الخليل وسيبويه - واختاره الكسائي. وذلك انهم لما رأوا الخسف تنبهوا فتكلموا على قدر علمهم عند التنبيه لهم، كما يقول القائل إذا تبين له الخطأ: وي كنت على خطأ، وقال زيد بن عمرو بن نفيل:
سألتاني، الطلاق إذ رأتاني   قل مالي قد جئتماني بنكر
وي كأن من يكن له نشب يحـ   ـبب ومن يفتقر يعيش عيش ضر
وقيل (وي كأنه) بمنزلة (ألا كأنه، وأما كانه) وقيل هي: ويك إن الله، كأنه قال ينبهك بهذا إلا انه حذف، قال عنترة:
ولقد شفى نفسي وأذهب سقمها   قيل الفوارس ويك عنتر أقدم
وقال قوم: هي بمنزلة (ويلك) إلا انه حذف اللام تخفيفاً، ونصب انه بتقدير اعلم انه لا يفلح، وهذا ضعيف، لان العلم لا يضمر ويعمل. وقال الفراء: سألت امرأة زوجها عن أبيه فقال ويك إنه وراء الحائط، ومعناه ألا ترينه وراء الحائط. وقيل المعنى إن { الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } لا لكرامة عليه، كما بسط لقارون { ويقدر } أي يضيق لا لهوانة عليه، كما ضيق على أنبيائه.

ثم قالوا { لولا أن منّ الله علينا } وعفى عنا لخسف بنا، كما خسف بقارون { ويك أنه لا يفلح الكافرون } أي لا يفوز بثوابه وينجو من عقابه من يجحد نعم الله ويعبد معه سواه.

السابقالتالي
2 3