الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ طسۤمۤ } * { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِٱلْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ }

خمس آيات كوفي وأربع فيما عداه. عد الكوفي { طسم } آية ولم يعدها الباقون.

قد بينا معنى هذه الحروف في أوائل السور في عدة مواضع، فلا فائدة في إعادته، وقوينا قول من قال: إنها اسماء للسور.

وقوله { تلك آيات الكتاب } أي تلك آيات الكتاب التي وعدتم بانزالها. وقيل معناه هذا القرآن هو الكتاب المبين - ذكره الحسن - وقيل: في معنى { المبين } قولان: احدهما - قال قوم: المبين أنه من عند الله. وقال قتادة: المبين الرشد من الغي. والمبين هو البين أيضاً. وأضاف الآيات إلى الكتاب، وهي الكتاب كما قالإنه لحق اليقين } ثم خاطب نبيه (صلى الله عليه وسلم) فقال { نتلو عليك } يا محمد طرفاً من اخبار { موسى وفرعون بالحق } على حقيقة البيان وهو اظهار المعنى للنفس بما تميزه من غيره مشتق من أبنت كذا من كذا إذا فصلته منه. والبرهان إظهار المعنى للنفس بما يدعو إلى انه حق مما هو حق في نفسه. والتلاوة الاتيان بالثاني بعد الأول في القراءة بما يتلوه تلاوة، فهو تلل لمقدم، والمقدم والتالي مثل الأول والثاني. والنبأ الخبر عما هو أعظم شأناً من غيره. والحق هو ما يدعو اليه العقل، ونقيضه الباطل، وهو ما صرف عنه العقل.

وقوله { لقوم يؤمنون } معناه إنا نتلو عليك هذه الأحبار لقوم يصدقون بالله، وبما أنزل عليك، لانهم المنتفعون به، والايمان الصديق بفعل ما يؤمن من العقاب.

ثم اخبر تعالى فقال { إن فرعون علا في الأرض } أي تجبر وبغي - في قول قتادة وغيره - ببغيه واستعباده بني إسرائيل، وقتل أولادهم. وقيل: بقهره وادعائه الربوبية. وقيل: بشدة سلطانه { وجعل أهلها شيعاً } أي قوماً { يستضعف طائفة منهم } فيستعبدهم و { يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم } أي يستبقي بناتهم فلا يقتلهن، وقيل: إنه كان يأمر باخراج أحيائهن الذي فيه الولد والأول هو الصحيح.

ثم اخبر تعالى وحكم بأن فرعون { كان من المفسدين } في الارض والعاملين بمعاصي الله. ثم وعد تعالى فقال { ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض } وهو عطف على قوله { يستضعف طائفة منهم } ونحن نريد أن نمن. وقال قتادة: يعنى من بني اسرائيل { ونجعلهم أئمة } يقتدى بهم { ونجعلهم الوارثين } لمن تقدمهم من قوم فرعون.

وروى قوم من أصحابنا أن الآية نزلت في شأن المهدي (ع) وأن الله تعالى يمن عليه بعد أن استضعف. ويجعله إماماً ممكناً، ويورثه ما كان في ايدي الظلمة.

قال السدي: إن فرعون رأى في منامه أن ناراً أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر فأحرقت القبط وتركت بني اسرائيل فسأل علماء قومه، فقالوا: يخرج من هذا البلد رجل يكون هلاك مصر على يده، فامر بذبح أبنائهم واستحياء نسائهم، وأسرع الموت في شيوخ بني إسرائيل، فقالت القبط لفرعون: ان شيوخ بني إسرائيل قد فنوا، وصغارهم قد قتلتهم فاستبقهم لعملنا وخدمتنا، فأمرهم أن يستحيوا في عام، ويقتلوا في عام، فولد في عام الاستحياء هارون، وولد في عام القتل موسى، قال الضحاك: عاش فرعون أربع مئة سنة، وكان قصيراً وسيماً، وهو أول من خضب بالسواد. وعاش موسى مئة وعشرين سنة. وقيل: ان فرعون كان من أهل الاصطخر.