قرأ حمزة والكسائي وخلف وحفص عن عاصم { وكل أتوه } مقصورة على وزن (فلوه) الباقون { آتوه } ممدودة ومضمومة التاء على وزن (فالوه) وقرأ اهل الكوفة { من فزع } منوناً { يومئذ } بفتح الميم. الباقون بغير تنوين على الاضافة إلا ورشاً فانه نصب الميم من { يومئذ } مع الاضافة. ووجه هذه القراءة انه جعل (يوم) مع (إذ) كالاسم الواحد، لان إضافة (يوم) إلى (إذ) ليست محضة، لان الحروف لا يضاف اليها، ولا إلى الافعال، وانما أجازوا في اسماء الزمان الاضافة إلى الحروف وإلى الافعال نحو: هذا يوم ينفع، لما خص وكثر، وقرأ اهل البصرة وابن كثير وابو بكر إلا يحيى والداجوني عن ابن ذكوان { يفعلون } بالياء، الباقون بالتاء. وقرأ اهل المدينة وابن عامر ويعقوب { عما تعملون } بالتاء. الباقون بالياء. يقول الله تعالى منبها لخلقه على وجه الاعتبار والتنبيه على النظر بالفكر بجعله تعالى الليل ليسكن فيه خلقه، من الحيوان من الحركات، لأن من جعل الشيء لما يصلح له من الانتفاع، فانما ذلك باختياره دون الطبع، وما يجري مجراه مما ليس مختار، ففي ذلك بطلان قول كل مخالف فيه. وقوله { والنهار مبصراً } يحتمل أمرين: احدهما - انه جعل النهار ذا إبصار، كما قال{ عيشة راضية } أي ذات رضا، وكما قال النابغة:
كليني لهم يا أمية ناصب
أي لهم ذي نصب. الثاني - لأنه يريك الاشياء كما يراها من يبصرها بالنور الذي تجلى عنها فقيل هو كقول جرير:
لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى
ونمت وما ليل المطي بنائم
اي بالذي ينام فيه. ثم قال { إن في ذلك لآيات } يعني دلالات واضحات لقوم يصدقون بالله وبتوحيده. وقوله { ويوم ينفخ في الصور } منصوب بتقدير: واذكر { يوم ينفخ في الصور } أي وذلك يوم ينفخ في الصور، يعني قوله { وقع القول عليهم بما ظلموا.... يوم ينفخ في الصور } ويجوز أن يكون على حذف الجواب، وتقديره وتكون البشارة الثانية يوم ينفخ في الصور. وقيل: تقديره ويوم ينفخ في الصور يفزع، لان المعنى إذا نفخ في الصور فزع إلا أنه لما جاء الثاني بالفاء اغنى عن (يفعل) لأنها ترتب. وقال الحسن وقتادة: الصور صور الخلق. وقال مجاهد: هو قرن كالبوق ينفخ فيه. وقيل: النفخة الأولى نفخة الفزع. والثانية نفخة الصعق، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين. وقيل: معنى { ففزع من في السماوات ومن في الأرض } من شدة الاسراع والاجابة، يقال: فزعت اليك في كذا إذا أسرعت إلى ندائه في معونتك. وقيل: هو ضد الأمن، وهو الأولى. وقيل: وجه النفخ في الصور أنه على تصور ضرب البوق للاجتماع على المسير إلى أرض الجزاء بالحال التي تعرف في دار الدنيا. ومن ذهب إلى أنه جمع صورة قال: المعنى نفخ الأرواح في الاجساد بردها إلى حال الحياة التي كانت عليها.