الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَفْتُونِي فِيۤ أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ } * { قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَٱلأَمْرُ إِلَيْكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ } * { قَالَتْ إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ } * { وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ ٱلْمُرْسَلُونَ }

خمس آيات حجازي. وأربع فيما عداه. عد الحجازيون شديد رأس آية ولم يعده الباقون.

حكى الله تعالى ان المرأة لما وقفت على كتاب سليمان، ووصفته بأنه كتاب كريم، وعرفتهم ما فيه قالت لأشراف قومها { أفتوني في أمري } اي أشيروا علي والفتيا هو الحكم بما هو صواب بدلا من الخطأ، وهو الحكم بما يعمل عليه كما يسأل العامي العالم ليعمل على ما يجيبه به، ثم قالت لهم لم أكن أقطع أمراً ولا أفصل حكما دونكم ولا أعمل به { حتى تشهدون } وتعاينوه. وهذا ملاطفة منها لقومها في الاستشارة منهم فيما يعمل عليه، فقالوا لها في الجواب عن ذلك انا { نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد } أي أصحاب قدرة وأصحاب بأس أي شجاعة شديدة { والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين } ما الذي تأمرينا به لنمتثله، وهذا القول منهم فيه عرض القتال عليها إن أرادت، فقالت لهم في الجواب { إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها } فكونوا على حذر من ذلك { وجعلوا أعزة أهلها أذلة } قيل بأن يستعبدوهم. فقال الله تعالى تصديقاً لهذا القول { وكذلك يفعلون } قال ابن عباس: إنما يفعلون ذلك إذا دخلوها عنوة. ثم حكى انها قالت { إني مرسلة إليهم بهدية } فأذنوا للأمر في ذلك لانظر ما عند القوم فيما يلتمسون من خير أو شر. وقيل إنها ارسلت بجوار وغلمان على زي واحد. فقالت ان ميز بينهم ورد الهدية وأبا إلا المتابعة، فهو نبي وإن قبل الهدية فانما هو من الملوك. وعندنا ما يرضيه - ذكره ابن عباس - وقيل: انها أرسلت اليه بلبنة من ذهب فأمر سليمان أن تطرح بين أرجل الدواب وسراقينها استهانة بذلك.