قرأ حفص { معي ربي } بفتح الياء، وكذلك في جميع القرآن. الباقون بسكونها، فمن سكن ذهب إلى التخفيف، ومن فتح فعلى أصل الكلمة لان الاسم على حرف واحد، فقراءته - بالفتح - ان كان متصلا بكلمة على حرفين. وكان اصحاب موسى فزعوا من فرعون أن يلحقهم وحذروا موسى، فقالوا { إنا لمدركون } فقال لهم موسى (ع) - ثقة بالله - { كلا } ليس كما تقولون { إن معي ربي سيهدين } وقرأ الاعرج { لمدّركون } مفتعلون، من الادراك وادغم التاء في الدال. قال الفراء: دركت دراكاً وادركت ادراكاً بمعنى واحد، مثل حفرت واخفرت، بمعنى واحد. وقرأ حمزة وحده { تراء الجمعان } بالامالة. الباقون بالتفخيم على وزن (تراعى) لأنه تفاعل من الرؤية، وهو فعل ماض موحد، وليس مثنى، لأنه فعل متقدم على الاسم، ولو كان مثنى لقال تراءا ووقف حمزة " تراى " بكسر الراء ممدود قليلا، لأن من شرطه ترك الهمزة في الوقف، فترك الهمزة التى آخر الألف، كأنه يريدها، فلذلك مد قليلا. ووقف الكسائي " ترآى " اى بالامالة على وزن تراعى، وتنادى. الباقون وقفوا بألفين على الأصل. وكذلك جميع ما في القرآن مثل{ أنشأناهن إنشاء } و{ أنزل من السماء ماء } كل ذلك يقفون بالمد بألفين. وحمزة يقف على الف واحدة. واذا كانت الهمزة للتأنيث أسقطت الهمزة في الوقف عند الجميع نحو{ بيضاء } و{ إنها بقرة صفراء } و{ الأخلاء } فيشم الضمة في موضع الرفع ولا يشم الفتحة في موضع النصب. اخبر الله تعالى انه { لما تراء الجمعان } جمع فرعون وجمع موسى أى تقابلا بحيث يرى كل واحد منهما صاحبه. ويقال: ترآ نارهما أى تقابلا، وانما جاز تثنية الجمع، لانه يقع عليه صفة التوحيد، فتقول: هذا جمع واحد، ولا يجوز تثنية مسلمين، لانه لا يقع عليه صفة التوحيد، لأنه على خلاف صفة التوحيد. { قال أصحاب موسى إنا لمدركون } أى لملحقون. فالادراك الالحاق، وادركته ببصري اذا رأيته، وادرك قتادة الحسن اى لحقه، وادرك الزرع اذا لحق ببلوغه، وأدرك الغلام إذا بلغ، وادركت القدر إذا نضجت، فقال لهم: موسى { كلا } ليس الامر على ذلك { إن معي ربي } بنصره إياي { سيهدين } أي سيدلني على طريق النجاة من فرعون وقومه كما وعدني، لأن الانبياء لا يخبرون بما لا دليل عليه من جهة العقل او السمع. وقوله { فأوحينا إليه أن اضرب بعصاك البحر } اي امرناه بضرب البحر بعصاه، وقيل: هو بحر قلزم الذي يسلك الناس فيه من اليمن ومكة إلى مصر، وفيه حذف، لان تقديره فضرب البحر { فانفلق } وقيل: انه صار فيه إثنا عشر طريقاً لكل سبط طريق { فكان كل فرق كالطود العظيم } فالطود الجبل، قال الأسود بن يعفر النهشلي: