الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ } * { عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ } * { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ } * { وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ ٱلأَوَّلِينَ } * { أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَىٰ بَعْضِ ٱلأَعْجَمِينَ } * { فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ } * { كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } * { فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { فَيَقُولُواْ هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ } * { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } * { أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ } * { ثُمَّ جَآءَهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ } * { مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ }

قرأ ابن عامر واهل الكوفة الا حفصاً ويعقوب { نزل } به بتشديد الزاي وفتحها { الروح الأمين } بالنصب فيهما، الباقون بالتخفيف والرفع فيهما.

وقرأ ابن عامر { أولم تكن } بالتاء { آية } بالرفع. الباقون بالياء ونصب { آية } من شدد الزاي، فلقولهفإنه نزل على قلبك بإذن الله } { وإنه لتنزيل رب العالمين } ومن خفف، فلان التنزيل فعل الله، وهذا فعل جبرائيل، يقال: نزل الله جبرائيل، ونزل جبرائيل. فاما قوله { فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقاً } بالتشديد، فلأجل حذف الباء، لانك تقول نزلت به وأنزلته. ومن شدد فانه أضاف الفعل إلى الله. ومن خفف أضاف الفعل إلى جبرائيل (ع) ومن قرأ { أو لم تكن } بالتاء ورفع { آية } جعلها اسم (كان) وخبره { أن يعلمه } لأن (ان) مع الفعل بمنزلة المصدر، وتقديره: أو لم تكن لهم آية معجزة ودلالة ظاهرة علم بني اسرائيل بمحمد في الكتب. يعني كتب الانبياء (ع) قبله أنه نبي، وأن هذا القرآن من عند الله، لكنه لما جاءهم ما عرفوه على بصيرة كفروا به. ومن قرأ بالياء ونصب (آية) جعلها خبر (كان) واسمه (أن يعلمه) وهو الاقوى في العربية، لان (آية) نكرة، و (أن يعلمه) معرفة، وإذا اجتمعت معرفة ونكرة اختير أن يكون المعرفة اسم (كان) والنكرة خبرها، وسيبويه لا يجيز غير ذلك إلا في ضرورة الشعر كقول حسان:
كأن سبيئة من بيت رأس   يكون مزاجها عسل وماء
من بيت رأس معناه من بيت رئيس، فسمى السيد رأساً، قال عمرو ابن كلثوم:
برأس من بني جشم بن عمرو   
وبيت رأس بيت بالشام، تتخذ فيه الخمور. والهاء في قوله " نزله... وإنه لتنزيل " كناية عن القرآن في قول قتادة. وصفه الله تعالى أنه تنزيل من رب العالمين الذي خلق الخلائق. ووصفه بأنه تنزيل من رب العالمين، تشريف له وتعظيم لشأنه. ثم قال { نزل به الروح الأمين } من خفف أسند الفعل إلى جبرائيل، ولذلك رفعه. ومن ثقل أسنده إلى الله تعالى، ونصب { الروح الأمين } على انه مفعول به. والروح الأمين جبرائيل (ع). وانما قال { على قلبك } لأنه بقلبه يحفظه فكأنه المنزل عليه. و { الروح الأمين } جبرائيل (ع) في قول ابن عباس والحسن وقتادة والضحاك وابن جريج. ووصف بأنه (روح) من ثلاثة وجوه:

احدها - انه تحيا به الأرواح بما ينزل من البركات.

الثاني - لان جسمه روحاني.

الثالث - ان الحياة عليه أغلب، فكأنه روح كله.

وقوله { على قلبك لتكون من المنذرين } أي انزل هذا القرآن على قلبك لتخوف به الناس وتنذرهم. ثم عاد إلى وصفه فقال { وإنه لفي زبر الأولين } ومعناه إن ذكر القرآن في كتب الأولين على وجه البشارة به، لا لأن الله أنزله على غير محمد (صلى الله عليه وسلم).

السابقالتالي
2 3