الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ } * { قَالُواْ سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَآءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُواْ ٱلذِّكْرَ وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً } * { فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلاَ نَصْراً وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً } * { وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي ٱلأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً }

قرأ ابن كثير وابو جعفر وحفص ويعقوب { ويوم يحشرهم } بالياء. الباقون بالنون. وقرأ ابن عامر { فنقول } بالنون. الباقون بالياء. وقرأ ابو جعفر { أن نتخذ } بضم النون وفتح الخاء. الباقون بفتح النون وكسر الخاء. وقرأ حفص { فما تستطيعون } بالياء. الباقون بالتاء.

من قرأ { يحشرهم } بالياء فتقديره: قل يا محمد يوم يحشرهم الله ويحشر الاصنام التي يعبدونها من دون الله. قال قوم: حشر الاصنام افناؤها. وقال آخرون يحشرها كما يحشر سائر الحيوان ليبكت من جعلها آلهة.

ومن قرأ بالنون اراد: ان الله المخبر بذلك عن نفسه وابن عامر جعل المعطوف مثل المعطوف عليه فى أنه حمله على انه إخبار من الله. ومن قرأ الأولى بالنون والثانية بالياء عدل من الاخبار عن الله الى الاخبار عن الغائب.

يقول الله تعالى { ويوم يحشرهم } يعني هؤلاء الكفار الجاحدين للبعث والنشور ويحشر { ما يعبدون من دون الله } قال مجاهد: يعني عيسى وعزير. وقال قوم: هو كل ما عبدوه من دون الله ليبكتوا بذلك { فيقول } اي فيقول الله لهم { أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء } يعني الكفار أي يقول الله للذين عبدوهم أأنتم الذين دعوتم الكفار الى عبادتكم، فأجابوكم { أم هم ضلوا السبيل } من قبل نفوسهم عن طريق الحق واخطؤا طريق الصواب؟؟ فيجيب المعبودون بما حكاه الله فيقولون: { سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء } ندعوهم الى عبادتنا. ومن ضم النون أراد: لم يكن لنا ان نتخذ اولياء من دونك، وضعف هذه القراءة النحويون. فقالوا: لان (من) هذه تدخل في الاسم دون الخبر، نحو ما علمت من رجل راكباً. ولا تقول: ما علمت رجلا من راكب. وقال الزجاج: لا يجوز ذلك كما لا يجوز فى قولهفما منكم من أحد عنه حاجزين } ما احد عنه منكم من حاجزين. وقال الفراء يجوز ذلك على ضعف، ووجهه أن يجعل الاسم في { من أولياء } ، وإن كانت وقعت موقع الفعل [وقوله { ما كان ينبغي لنا } ، { كان } زائدة، والتقدير: ما ينبغي لنا - ذكره ابو عبيدة - وهذا لا يحتاج اليه، لان هذا إخبار عنهم يوم القيامة انهم يقولون: { ما كان ينبغي لنا } فى دار الدنيا ان نتخذ اولياء من دونك]

وقوله { ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوماً بوراً } تمام الحكاية عما يقول المعبودون من دون الله، فانهم يقولون يا ربنا انك متعت هؤلاء الكفار ومتعت آباءهم في نعيم الدنيا { حتى نسوا الذكر } أي ذكرك { وكانوا قوماً بوراً } أي هلكى فاسدين. والبور الفاسد، ويقال: بارت السلعة تبور بوراً إذا بقيت لا تشترى بقاء الفاسد الذي لا يراد. والبائر الباقي على هذه الصفة. والبور مصدر كالزور، لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث.

السابقالتالي
2