الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ يَخْلُقُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

قرأ حمزة والكسائي وخلف { والله خالق } على وزن (فاعل). الباقون { خلق } على فعل ماض. من قرأ { خالق } فلقولهخالق كل شيء } ومن قرأ خلق، فلانه فعل ذلك فيما مضى، ولقولهألم تر أن الله خلق السماوات } وقولهخلق كل شيء فقدره تقديراً } اخبر الله تعالى انه خالق كل شيء يدب من الحيوان من ماء. ثم فصله فقال منهم من يمشي على بطنه كالحياة والسمك والدود، وغير ذلك. ومنهم من يمشي على رجلين كالطير وابن آدم، وغير ذلك، ومنهم من يمشي على أربع كالبهائم والسباع وغير ذلك. ولم يذكر ما يمشي على أكثر من أربع، لانه كالذي يمشي على أربع في مرءى العين، فترك ذكره، لان العبرة تكفي بذكر الاربع. وقال البلخي: لان عند الفلاسفة أن ما زاد على الأربع لا يعتمد عليها. واعتماده على الاربع فقط، وانما قال { من ماء } لان أصل الخلق من ماء، ثم قلب الى النار، فخلق الجن منه، والى الريح فخلق الملائكة منه، ثم الى الطين فخلق آدم (ع). ودليل أن اصل الحيوان كله الماء قوله تعالىوجعلنا من الماء كل شيء حي } وانما قال منهم تغليباً لما يعقل على ما لا يعقل إذا اختلط فى خلق كل دابة. وقيل { من ماء } اى من نطفة، ذكره الحسن، وجعل قوله { كل دابة } خاصاً، فيمن خلق من نطفة.

وقوله { يخلق الله ما يشاء } اى يخترع ما يشاء، وينشئه من الحيوان، وغيره { إن الله على كل شيء قدير } لا يتعذر عليه شيء يريده.