الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ } * { ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ٱلْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيۤءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ }

قرأ " درّي " مشددة، بضم الدال من غير همز، ابن كثير ونافع وابن عامر وحفص عن عاصم. وقرأ - بكسر الدال والهمز - ابو عمرو، والكسائي. وقرأ - بضم الدال والهمز - حمزة وعاصم، فى رواية ابي بكر. وقرأ ابن كثير وابو عمرو " توقد " بفتح التاء والدال. وقرأ - بالياء مخففة مرفوع مضموم الياء - نافع وابن عامر وحفص عن عاصم والكسائي. - وقرأ - بضم التاء والدال مخففة مرفوعة - حمزة، وابو بكر عن عاصم.

فمن قرأ " دري " بكسر الدال، فهو من (درأت) اي رفعت. والكوكب (دري) لسرعة رفعه في الانقضاض، والجمع الدراري، وهي النجوم التى تجيء وتذهب. وقال قوم: هي احد الخمسة المضيئة: زحل، والمشتري، والمريخ، والزهرة، وعطارد.

ومن قرأ - بضم الدال - نسبه الى الدّر فى صفائه وحسنه. ومن ضم الدال وهمز، فهو غير معروف عند أهل اللغة، لانه ليس فى الكلام (فُعيل) - ذكره الفراء - وقال ابو عبيدة: وجهه ان يكون - بفتح الدال - كأنه (فَعيل). قال سيبويه: ليس في الكلام (فعيل) وانما تكسر الفاء مثل (سكيت). وروى المفضل عن عاصم انه قرأ - بكسر الدال - من غير همز، ولا مدّ، ومعناه: انه جار كالنجوم الدراري الجارية مأخوذ من در الوادي إذا جرى،

ووجه قراءة ابن كثير فى { توقد } أنه على (فعل) ماض، وضم الدال ابن محيصن اراد (تتوقد). ومن ضم الياء مثل نافع وابن عامر، رده على الكوكب. وقال الفراء: رده على المصباح. ومن ضم التاء والدال رده على الزجاجة.

اقسم الله تعالى انه انزل { آيات } يعني دلالات { مبينات } يعني مفصلات، بينهن الله وفصلهن، فيمن قرأ - بفتح الياء - ومن كسر الياء: معناه ان هذه الآيات والحجج تبين المعاني وتظهر ما بطن فيها.

وقوله { ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين } معناه انه انزل اليكم اخبار من كان قبلكم من امم الرسل، وجعل ذلك عبراً لنا. وقيل لتعتبروا بذلك وتستدلوا به على ما يرضاه الله منكم فتفعلوه وعلى ما يسخطه فتتجنبوه.

وقوله { الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة } قيل في معناه قولان:

احدهما - ان الله هادي اهل السموات والارض - ذكره ابن عباس - فى رواية، وأنس.

والثاني - انه منِّور السموات والارض بنجومها وشمسها وقمرها - في رواية اخرى - عن ابن عباس، وقال ابو العالية والحسن مثل ذلك.

ثم قال تعالى { مثل نوره كمشكاة فيها مصباح } الهاء في قوله { نوره } قيل إنها تعود على المؤمن، وتقديره مثل النور الذي في قلبه بهداية الله، وهو قول ابي ابن كعب والضحاك.

السابقالتالي
2 3