الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِيۤ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ ٱلتَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي ٱلإِرْبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفْلِ ٱلَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىٰ عَوْرَاتِ ٱلنِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

قرأ ابن عامر وابو بكر عن عاصم وابو جعفر { غير أولي الأربة } نصباً. الباقون بالجر. وقرأ ابن عامر { أيه المؤمنون } بضم الهاء، ومثلهيا أيه الساحر } وأيه الثقلان } الباقون { أيها } بفتح الهاء مع الالف فيها. وكلهم وقف بلا الف إلا الكسائي، واهل البصرة والزبيبي من طريق العطار، والمالكي، فانهم وقفوا بالف.

قال ابو علي: الوقف بالالف أجود، لانها سقطت فى الوصل لاجتماع الساكنين.

لما امر الله تعالى الرجال المؤمنين في الآية الأولى بغض أبصارهم عن عورات النساء، وامرهم بحفظ فروجهم عن ارتكاب الحرام، أمر المؤمنات فى هذه الآية ايضاً من النساء بغض أبصارهن عن عورات الرجال، وما لا يحل النظر اليه. وامرهن ان يحفظن فروجهن إلا عن ازواجهن على ما اباحه الله لهم، ويحفظن ايضاً اظهارها بحيث ينظر اليها، ونهاهن عن إبداء زينتهن إلا ما ظهر منها. قال ابن عباس: يعني القرطين والقلادة والسوار والخلخال والمعضد والمنحر، فانه يجوز لها إظهار ذلك لغير الزوج، فاما الشعر فلا يجوز ان تبديه إلا لزوجها.

والزينة المنهي عن إبدائها زينتان، فالظاهرة الثياب، والخفية الخلخال، والقرطان والسوار - فى قول ابن مسعود - وقال ابراهيم: الظاهر الذي ابيح الثياب فقط. وعن ابن عباس - في رواية أخرى - أن الذي ابيح الكحل والخاتم والحذاء والخضاب فى الكف. وقال قتادة: الحذاء والسوار والخاتم. وقال عطاء: الكفان والوجه. وقال الحسن: الوجه والثياب. وقال قوم: كلما ليس بعورة يجوز اظهاره. واجمعوا أن الوجه والكفين ليسا بعورة، لجواز اظهارها في الصلاة، والاحوط قول ابن مسعود، والحسن بعده.

وقوله { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } فالخمار غطاء رأس المرأة المنسبل على جبينها وجمعه خمر، وقال الجبائي: هي المقانع.

ثم كرر النهي عن اظهار الزينة تأكيداً وتغليظاً واستثنى من ذلك: الأزواج وآباء النساء. وإن علوا، وآباء الازواج وابنائهم، أو اخوانهن وبني أخوانهن أو بني اخواتهن، أو نسائهن يعني نساء المؤمنين دون نساء المشركين إلا اذا كانت أمة وهو معنى قوله { أو ما ملكت أيمانهن } أي من الاماء - في قول ابن جريج - فانه لا باس باظهار الزينة لهؤلاء المذكورين، لانهم محارم.

وقوله { أو التابعين غير أولي الأربة من الرجال } قال ابن عباس: هو الذي يتبعك ليصيب من طعامك ولا حاجة له في النساء، وهو الأبله. وبه قال قتادة وسعيد بن جبير وعطاء. وقال مجاهد: هو الطفل الذي لا أرب له فى النساء لصغره. وقيل: هو العنين، ذكره عكرمة، والشعبي. وقيل: هو المجبوب. وقيل: هو الشيخ الهم.

والاربة الحاجة، وهي فعلة من الارب، كالمشية من المشي، والجلسة من الجلوس. وقد أربت لكذا آرب له أرباً إذا احتجت اليه، ومنه الأربة - بضم الالف - العقدة، لان ما يحتاج اليه من الامور يقتضي العقدة عليه، ولان الحاجة كالعقدة حتى تنحل بسد الخلة، ولان العقدة التي تمنع من المنفعة يحتاج الى حلها، ولان العقدة عمدة الحاجة.

السابقالتالي
2