الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَٱلْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَٱلطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ أُوْلَـٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }

قيل في معنى الآية أربعة اقوال:

احدها - قال ابن عباس ومجاهد والحسن والضحاك: معناه { الخبيثات } من الكلم { للخبيثين } من الرجال أي صادرة منهم.

الثاني - في رواية أخرى عن ابن عباس: أن { الخبيثات } من السيآت { للخبيثين } من الرجال، والطيبات من الحسنات للطيبين من الرجال.

الثالث - قال ابن زيد: { الخبيثات } من النساء { للخبيثين } من الرجال، كأنه ذهب الى اجتماعها للمشاكلة بينهما.

والرابع - قال الجبائي: { الخبيثات } من النساء الزواني { للخبيثين } من الرجال الزناة، على التعبد الأول ثم نسخ، وقيل الخبيثات من الكلم إنما تلزم الخبيثين من الرجال وتليق بهم. والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات عكس ذلك على السواء في الاقوال الأربعة.

والخبيث الفاسد الذي يتزايد فى الفساد تزايد النامي فى النبات، ونقيضه الطيب. والحرام كله خبيث. والحلال كله طيب.

وقوله { أولئك مبرؤن مما يقولون } قال مجاهد معناه: الطيبون من الرجال مبرؤن من خبيثات القول، يغفرها الله لهم. ومن كان طيباً، فهو مبرؤ من كل قبيح. ومن كان خبيثاً، فهو مبرؤ من كل طيب بأن الله يرده عليه. ولا يقبله منه. وقال الفراء وغيره: يرجع ذلك الى عائشة، وصفوان بن معطل كما قالفإن كان له أخوة } والام تحجب بالاخوين، فجاء على تغليب لفظ الجمع الذي يجري مجرى الواحد فى الاعراب، وانما قال { مبرؤن.... } الآية، لأنه ذكر صفة الجمع، والمبرأ المنزه عن صفة الذم، المنفي عنه صفة العيب، يقال: برّأه الله من كذا، إذا نفاه عنه. والله تعالى يبرئ المؤمنين من العيوب التي يضيفها اليهم أعداؤهم، ويفضح من يكذب عليهم.

وقوله { لهم مغفرة ورزق كريم } أي لهؤلاء الطيبين من الرجال والنساء مغفرة من الله لذنوبهم، وعطية من الله كريمة، فالرزق الكريم هو الذي يعطي الخير على الادرار المهنأ، من غير تنغيص الامتنان، وهو رزق الله تعالى الذي يعم جميع العباد، ويخص من يشاء بالزيادة فى الافعال. وقال قتادة { لهم مغفرة من الله ورزق كريم } فى الجنة.