الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ بَلْ قَالُواْ مِثْلَ مَا قَالَ ٱلأَوَّلُونَ } * { قَالُوۤاْ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } * { لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا هَـٰذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { قُل لِّمَنِ ٱلأَرْضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } * { قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلسَّبْعِ وَرَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } * { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } * { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }

قرأ ابو عمرو " سيقولون الله " فى الأخيرتين. الباقون " لله " بغير الف، ولا خلاف في الاولى أنها بغير الف.

اخبر الله تعالى حاكياً عن الكفار ممن عاصر النبي (صلى الله عليه وسلم) أنهم لم يؤمنوا بالله ولم يصدقوا رسوله في اخلاص العبادة له تعالى { بل قالوا مثل ما قال الأولون } أي مثل الذي قاله الكفار الأولون: من انكار البعث والنشور والحساب والجنة والنار، فأقوال هؤلاء مثل أقوال أولئك. وانما دخلت عليهم الشبهة فى انكار البعث، لأنهم لم يشاهدوا ميتاً عاش، ولا جرت به العادة، وشاهدوا النشأة الاولى من ميلاد من لم يكن موجوداً. ولو فكروا فى أن النشأة الأولى أعظم منه لعلموا أن من انكره فقد جهل جهلا عظيماً، وذهب عن الصواب ذهاباً بعيداً، لان من قدر على اختراع الاجسام لا من شيء، قدر على إعادتها إلى الصفة التي كانت عليها، مع وجودها.

ثم حكى ما قال كل منهم، فانهم قالوا منكرين { أإذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمبعوثون } أي كيف نصير أحياء بعد ان صرنا تراباً ورمماً وعظاماً نخرة؟! ثم قالوا { لقد وعدنا } بهذا الوعد { نحن وآباؤنا } من قبل هذا الموعد، فلم نر لذلك صحة، ولا لهذا الوعد صدقاً، وليس { هذا إلا أساطير الأولين } أي ما سطره الأولون مما لا حقيقة له، وانما يجري مجرى حديث السمر الذي يكتب للاطراف به. والأساطير هي الأحاديث المسطرة فى الكتب، واحدها أسطورة.

فقال الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه وسلم) { قل } يا محمد لهؤلاء المنكرين للبعث والنشور { لمن الأرض ومن فيها } أي من يملك الارض ويملك من فيها من العقلاء [وقوله { إن كنتم تعلمون } موافقة لهم فى دعواهم. ثم قال فى الجواب { سيقولون لله } أي سيقولون إن السموات والارض ومن فيهما لله، لانهم لم يكونوا يجحدون الله. وانما كذبوا الرسول. وقوله { قل أفلا تذكرون } أي افلا تتفكرون فى مالكها. وتتذكرون قدرته وانه لا يعجزه شيء عن إعادتكم بعد الموت، مرة ثانية كما انشأكم أول مرة] ثم قال له { قل } يا محمد لهم ايضاً { من رب السماوات السبع } أي من مالكها والمتصرف فيها؟ ولولاه لبطل كل شيء سواه، لأنه لا يصح إلا مقدوره او مقدور مقدوره، فقوام كل ذلك به، ولا تستغني عنه طرفة عين لانها ترجع الى تدبيره على ما يشاء (عز وجل) وكذلك هو تعالى { رب العرش العظيم } وانما وجب أن يكون رب السماوات والعرش، من حيث كانت هذه الاشياء جميعها محدثة، لا بدّ لها من محدث اخترعها وانشأها، ولا بد لها من مدبر يدبرها ويمسكها، ويصرفها على ما تتصرف عليه، ولا بد أن يختص بصفات: من كونه قادراً عالماً لنفسه ليتأتى منه جميع ذلك، على ما دبره.

السابقالتالي
2