يقول الله تعالى { إن الذين هم من خشية ربهم } اي خوفاً من عقابه { مشفقون } والخشية ظن لحوق المضرة. ومثلها المخافة، ونقيضها الأمنة، فالخشية إنزعاج النفس بتوهم المضرة، والظن كذلك يزعج النفس، فيسمى باسمه على طريق البلاغة، والخشية من الله خشية من عقابه وسخطه على معاصيه، { والذين هم بآيات ربهم يؤمنون } وبحججه من القرآن وغيره يصدقون { والذين هم بربهم لا يشركون } أي لا يشركون بعباة الله غيره، من الاصنام والاوثان، لان خصال الايمان لا تتم إلا بترك الاشراك دون ما يقول أهل الجاهلية إنا نؤمن بالله. وقوله { والذين يؤتون ما آتوا } اي يعطون ما اعطوا، من الزكاة والصدقة، وينفقونه في طاعة الله { وقلوبهم وجلة } أي خائفة من عقاب الله لتفريط يقع منهم. قال الحسن: المؤمن جمع إحساناً وشفقة. وقال ابن عمر: ما آتوا من الزكاة { وقلوبهم وجلة } أي خائفة { إنهم إلى ربهم راجعون } اي يخافون من رجوعهم الى الله يوم القيامة، والى مجازاته اي يخافون ذلك، لانهم لا يأمنون التفريط. ثم أخبر عمن جمع هذه الصفات وكملت فيه، فقال { أولئك يسارعون في الخيرات } أي يبادرون الى الطاعات، ويسارعون اليها: من الايمان بالله، ويجتهدون في السبق اليها رغبة فيها ولعلمهم بما لهم بها من حسن الجزاء. وقوله { وهم لها سابقون } قيل في معناه ثلاثة اقوال: احدها - قال ابن عباس انهم: سبقت لهم السعاة. الثاني - وهم من اجل تلك الخيرات سابقون الى الجنة. الثالث - وهم الى الخيرات سابقون.